والمُرسَل: ما رفعه تابعيٌّ مطلقًا، أو تابعيٌّ كبيرٌ إلى النَّبيِّ ﷺ،
العراقي: والنكتة في ذلك؛ -أي: عدم التسمية بالاتصال مع الإطلاق- أنَّها تُسمى مقاطيع، فإطلاق المتصل عليها كالوصف لشيء واحد بمتضادين لغة. انتهى.
قوله:(وَالمُرْسَل) من الإرسال، وهو الإطلاق، سُمِّي بذلك لكون التابعي أطلقه ولم يُقيد بجميع رواته، حيث لم يسمِّ مَن أرسله عنه.
قوله:(مَا رَفَعَهُ)؛ أي: متنٌ رفعه التابعي إلى النَّبيِّ ﷺ، بأن قال فيه نحو سعيد: قال رسول الله ﷺ، وأسقط الصحابي الذي رواه عنه، أعمُّ من أن يكون المرفوع قولًا أو غيره على قياس ما مرَّ في المرفوع، وسواء كان الرفع صريحًا أم كناية؛ -أي: حكمًا كأن يكون مما ليس للرأي فيه مجالٌ- فإن سقط قبل الصحابي واحد فهو منقطع لا مرسل، أو أكثر فمعضل ومنقطع أيضًا وهذا عند المحدثين، أما الأصوليون والفقهاء فالكلُّ مرسل عندهم، وهو اختلاف في الاصطلاح لا في المعنى؛ إذ الكل لا يحتجُّ به عند الكلِّ.
وقوله:(تَابِعِيٌّ مُطْلَقًا)؛ أي: سواءٌ كان التابعي كبيرًا؛ وهو: من لَقِيَ جمعًا من الصحابة وكان جلُّ روايته عنهم كسعيد بن المسيَّب وعبيد الله بن عَدي بن الخيار، أم صغيرًا، وهو من لقي واحدًا منهم كالزهري. هذا هو المشهور في تعريفه عند المحدثين.
وقوله:(أَوْ تَابِعِيٌّ كَبِيْرٌ)؛ أي: وقيل: هو ما رفعه التابعي الكبير فقط، فلا يكون ما رفعه التابعي الصغير مُرسلًا بل منقطعًا؛ لأنَّ أكثر رواية مثله عن التابعين الكبار.
وقيل في المرسل أيضًا: هو رواية الرجل عمَّن لم يسمع منه، وقيل: ما سقط من رواته راوٍ أو أكثر من أوله أو آخره أو بينهما كما تقدمت الإشارة إليه، فجملة الأقوال فيه أربعة.
والمراد بالتَّابعي: التَّابعي ولو حُكمًا، ليشمل الصحابي الذي لم يروِ إلَّا عن التابعين بأن أسلم قبل موته ﷺ بقليل؛ بحيث رآه ولم يرو عنه، أو رآه غيرَ مميزٍ، كمحمد بن أبي بكر الصديق، فإنَّ مُرسله في حكم مراسيل التابعي؛ لأنَّ رواية هذا عن التابعين، بخلاف الصحابي الذي أدركَ وسمع، فإنَّ احتمال روايته عن التابعين بعيدٌ جدًا.
ثُمَّ محلُّ كون قول التابعي مرسلًا؛ ما لم يسمع من النَّبيِّ ﷺ وهو كافرٌ ثم أسلم بعد موته أو قبله ولم يرهُ، ثم حدَّث عنه بما سمعه؛ كالتنوخي رسول هرقل، فإنَّه مع كونه تابعيًا اتفاقًا محكوم لما سمعهُ بالاتصال لا بالإرسال.