وأما الاضطرابُ في السند والمتن فكحديث البسملة أيضًا، أما اضطرابه في المتن فقد عرفته، وأمَّا اضطرابه في السند فإنَّ مالكًا رواه في الموطأ عن حُميد، عن أنس، ورواه مسلم عن قتادة أنَّه كتب إليه يخبره عن أنس … إلى آخره، قال ابن عبد البر: أكثر رواية حُميد عن أنس إنَّما سمعها من قَتادة.
ويُؤيدُ ذلك أنَّ ابن عَدي صَرَّحَ بذكر قتادة بينهما في هذا الحديث فتبينَ انقطاعها، ورواه الوليد عن الأَوْزَاعي أيضًا، والوليد كان يُدلسُ تدليس التسوية وإن كان قد صرحَّ بسماعه من شيخه وإن ثبتَ أنَّه لم يُسقط بين الأَوْزَاعي وقَتادة أحدًا، فقَتادة وُلِدَ أَكْمَه فلا بدَّ أن يكون أملى على مَن كتب إلى الأوزاعي ولم يُسَمَّ هذا الكاتب كما سلف.
قوله:(مُوْجِبٌ لِلضَّعْفِ) قال شيخ الإسلام: وقد يُجَامِعُ الصِّحة وذلك بأنْ يقع الاختلاف في اسم رجل واحد وأبيه ونسبته ونحو ذلك، ويكون ثقةً فيُحكم للحديث بالصحة ولا يضرُّ الاختلاف فيما ذكرَ مع تسميتهِ مُضطربًا، قال: وفي الصحيحين أحاديث كثيرة بهذه المثابة، وكذا جزم الزركشي بذلك في مختصره فقال: وقد يَدخل القلب والشذوذ والاضطراب في قسم الصحيح والحسن.
قوله:(لإِشْعَارِهِ بِعَدَمِ ضَبْطِ الرَّاوِي)؛ أي: الذي هو شرطٌ في الصحة والحُسن.
قوله:(وَالمَوْضُوع … ) إلى آخره، مشتقٌ من الوضع وهو الحطُّ، سُمِي الحديثُ المذكور بذلك لانحطاط رتبته دائمًا بحيث لا ينجبر أصلًا، وإنَّما أوردوه في علم الحديث مع أنَّه ليس منه نظرًا إلى زعم واضعه، وهو شرُّ أنواع الضعيف لكونه كذبًا عليه ﷺ، وقد ورد:«وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ من النَّارِ»، ويليهِ المتروك ثم المنكر ثم المُعلَّل ثم المُدرج ثم المَقلوب ثم المُضطرب كذا رتَّبَهُ شيخ الإسلام.
وقال الزركشي: ما ضَعْفُهُ لا لعدمِ اتصاله سبعة أصناف شرُّهَا الموضوع، ثم المدرج، ثم المقلوب، ثم المنكر، ثم الشاذ، ثم المعلل، ثم المضطرب، قال الجلال: وهذا ترتيبٌ حسن، وينبغي جعل المتروك قبل المدرج، وأن يقال فيما ضعفه لعدم اتصال سنده: شرُّهُ المُعضل، ثم المُنقطع، ثم المدلَّس، ثم المرسل، أقول: وقد ضبطتُ ذلك على ما استحسنه الجلال مع جعل المتروك كما قال، فقلت: