للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثَّاني

في ذكر أوَّل مَن دوَّن الحديث والسُّنن ومَن تلاه في ذلك سالكًا أَحْسَنَ السُّنن

(الفصل الثاني)

قوله: (مَنْ دَوَّنَ الأَحَادِيْثَ) بفتح الدَّال والواو المشدَّدة؛ أي: ذكرها في الدَّواوين، أو: جعلها دواوين جمع ديوان؛ وهو الكتاب، وأصله: ما تعلَّق بحقوق السَّلطنة في الأعمال والأموال ومَن يقوم بها من الجيوش والعمَّال كما في الباب الثَّاني عشر من «الأحكام السُّلطانيَّة» للماورديِّ، ثمَّ أُطلق على الدفتر ثم قيل لكل كتابٍ، وقد يخص بشعرِ شاعرٍ معين مجازًا، وشاع حتى صار حقيقة فيه، فمعانيه خمسة كما في «الشِّفاء»: الكَتَبَة، ومحلهم، والدَّفتر، وكلُّ كتاب، ومجموع الشِّعر.

وهل هو عربيٌّ أو معرَّب من الفارسيِّ؟ خلافٌ مشهور.

والأحاديث جمع حَدِيث، وهو لغة ضدُّ القديم، واصطلاحًا: ما أضيف إلى النَّبيِّ قولًا أو فعلًا أو تقريرًا؛ -أي: عدم إنكار لما فُعِل بحضرته أو في غيبته وبَلَغه- أو هَمًّا؛ -أي: عزمًا كقوله : «وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ» - أو وَصْفًا خَلقيًّا -بفتح الخاء ككونه ليس بالطَّويل ولا بالقصير- أو خُلُقيًّا -بضمَّتين؛ أي: متعلِّقًا بخُلُقه وطبعه الشَّريف ككونه أحسن النَّاس خُلقًا وكونه كان لا يُواجه أحدًا بمكروه وغير ذلك-.

قوله: (وَالسُّنَن) جمع سُنَّة وهي لغةً: الطَّريق، وأمَّا اصطلاحًا فقيل: إنَّها مرادفة للحديث بمعناه الاصطلاحيِّ، وقيل: الحديث خاصٌّ بفعله وقوله ، والسنَّة أعمُّ منهما.

قوله: (وَمَنْ تَلَاهُ)؛ أي: تَبِعَهُ؛ أي: من دَوَّنَ.

وقوله: (فِيْ ذَلِكَ)؛ أي: التَّدوين.

وقوله: (أَحْسَنَ السُّنَنِ) بالضَّمِّ جمع سُنَّة بمعنى الطَّريقة، فالمراد بها هنا المعنى اللُّغويُّ وفي الأوَّل المعنى الاصطلاحيُّ، وهو أحسنُ من قراءته بفتحتين بمعنى الطريق.

<<  <   >  >>