للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصَّالح: دون الحسن، قال أبو داود: ما كان في كتابي «السُّنن» من حديثٍ فيه وهنٌ شديدٌ؛ فقد بيَّنته، وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالحٌ، وبعضها أصلح من بعضٍ. انتهىَ. قال الحافظ ابن حجرٍ: لفظ «صالحٍ» في كلامه أعمُّ من أن يكون للاحتجاج أو للاعتبار، فما ارتقى إلى الصِّحَّة، ثمَّ

حقَّه أن يقول: حسن أو صحيح، قال: وعلى هذا ما قيل فيه ذلك دون ما قيل فيه: صحيح؛ لأنَّ الجزم أقوى من التَّردُّد. انتهى.

(فائدتان) الأولى: من الألفاظِ المستعملة عند أهل الحديث في المقبول: الجيِّد، والقويُّ، والمعروف، والمحفوظ، والمجوَّد، والثَّابت.

فالجيِّد هو الصَّحيح، قال البُلقينيُّ: الجَودةُ يُعبَّر بها عن الصِّحة، وكذا قال غيره. لا مغايرة بين «جيِّد» و «صحيح» عندهم إلَّا أنَّ الجَهْبَذَ منهم لا يعدل عن صحيح إلى جيِّد إلَّا لنكتةٍ كأنْ يرتقي الحديث عن الحسن لذاته ويتردَّد في بلوغه الصَّحيح، فالوصف به أنزل رتبةً من الوصف بصحيح، وكذا القويُّ، وأما المُجوَّد والثَّابت فيشملان الصَّحيح والحسن، والمعروف مقابل المنكر، والمحفوظ مقابل الشَّاذ، وسيأتيان.

الثانية: زيادةُ راوي الصَّحيح والحسن مقبولةٌ إذ هي في حكم الحديث المستقلِّ ما لم تُنافِ رواية من لم يزد، فإنْ نافت بأن يلزم من قَبولها ردُّ الأخرى احتيج للترجيح، فإن كان لأحدهما مُرجِّحٌ فالآخر شاذٌ.

قوله: (وَالصَّالِحُ دُوْنَ الحَسَنِ) مقتضاهُ أنَّه لا يشمل الحسن والصَّحيح وليس كذلك بل يَعمُّهما وغيرهما ممَّا يصلح للاعتبار كما تفيده عبارة ابن حجر الآتية، فهو ما ليس فيه وهنٌ شديد أعمُّ من أن يكون لا وهن فيه أصلًا، أو فيه وهن غير شديد.

وعبارة «شرح التَّقريب»: وأما الصَّالح فهو شاملٌ للصَّحيح والحسن، لصلاحيَّتهما للاحتجاج بهما، ويُستعمل أيضًا في ضعيفٍ يصلح للاعتبار. انتهى.

وهو بمعنى ما ذكره ابن حجر في تفسير كلام أبي داود.

<<  <   >  >>