وقال ابن معين: الإسناد النازل قرحة في الوجه. انتهى.
وما حُكي من تفضيله (١) احتجاجًا بأنَّ الإسناد كلما زاد عدده زاد الاجتهاد في متن الحديث وناقله وتعديله فيزداد الثواب فيه، مذهبٌ ضعيفٌ.
قال ابن دقيق العيد: لأنَّ كثرةَ المشقة ليست مطلوبة لنفسها ومراعاة المعنى المقصود من الرواية وهو الصحة أولى. انتهى.
ولا نظرَ لتأييد العراقي له بأنَّه بمثابةِ مَن يقصد المسجد لصلاة الجماعة فيسلك طريقًا بعيدًا لتكثير الخُطا وإن أدَّاهُ سُلوكها إلى فواتِ الجماعة التي هي المقصود، وذلك؛ لأنَّ المقصود من الحديث التوصل إلى صحته وبُعْدُ الوهم فيه، وكُلَّما كثُرت رجال الإسناد تطرَّقَ إليه الخطأُ والخللُ وكُلَّما قَصُرَ السَّندُ كان أسلم، اللهم إلَّا أن يكونَ الإسنادُ النازل مشتملًا على فائدة كزيادة الثقة في رجاله على العالي أو كونهم أحفظ أو أفقه، أو كونه متصلًا بالسماع وفي العالي إجازة أو مناولة أو تساهل بعض رواته في الحمل ونحو ذلك، فإنَّه حينئذ ليس بمذمومٍ ولا مفضول بل محمود فاضل كما صرَّح به السِّلفي، وغيره قال: لأنَّ الأصلَ الأخذُ عن العلماء فنزولهم أولى من العلو عن الجهلة على مذهب المحققين من النقلة، وقال ابن المبارك: ليس جودةُ الحديث قُرب الإسناد بل جودةُ الحديثِ صحةُ الإسناد. انتهى.
والنَّازِلُ حينئذٍ هو العالي في المعنى، قال ابن الصلاح: ليس هذا من قبيل العلو المتعارف إطلاقُهُ بين أهل الحديث، وإنَّما هو العلو من حيث المعنى، وقال شيخ الإسلام: لابن حبان تفصيل حسن وهو أن النظر إن كان للسند فالشيوخ أولى وإن كان للمتن فالفقهاء أولى.
قوله:(وَالْمُسَلْسَلُ) هو نوعٌ مهمٌ، قال ابن الصلاح: من فضيلته اشتماله على مزيدِ الضَّبط من الرواة.
وخيرُ المُسلسلات ما كانَ فيه دلالةٌ على اتصال السماع وعدم التدليس كحدثني أو سمعت، ثم قال: ولكن قَلَّمَا يسلمُ المسلسلُ من ضعفٍ يحصلُ في وصف المتسلسل لا في أصل الحديث.
وهو سبعة أقسام، ثلاثة متعلقة بالرواة، وأربعة بالرواية كما ستعرفه.
قوله:(مَا وَرَدَ بِحَالٍ وَاحِدَةٍ)؛ أي: ما تواردت فيه الرواية والرواةُ على وصفٍ واحدٍ لهم، مأخوذ