«اختصمت الجنَّة والنَّار إلى ربِّهما … » الحديث [خ¦٧٤٤٩]. وفيه:«أنَّه ينشئ للنَّار خَلقًا»، صوابه كما رواه في موضعٍ آخر من طريق عبد الرَّزَّاق عن هَمَّامٍ عن أبي هريرة بلفظ:«فأمَّا الجنَّة فينشئ الله لها خلقًا»، فسبق لفظ الرَّاوي من «الجنَّة» إلى «النَّار»، وصار منقلبًا. ولذا جزم ابن القيِّم بأنَّه غلطٌ، ومال إليه
قوله:(«اخْتَصَمَتْ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ إلى رَبِّهِمَا») إمَّا مجازٌ عن حالهما المُشابه للمخاصمةِ، أو حقيقةٌ بأن يخلق الله فيهما الحياة والنُّطق، أو يخلق القول في جزء منهما؛ لأنَّه لا يُشترط عقلًا في الأصوات أن يكون محلها حَيًّا على الراجح، أو أنَّ ذلك بلسانِ الحال، واختصامهما هو افتخار إحداهما على الأخرى بمن يَسكنها فيظن كل منهما أنها آثرُ عند الله بمن يسكنها.
قوله:(الحَدِيْثَ) بقيته: «فقالت الْجَنَّةُ: يا رَبِّ ما لها لَا يَدْخُلُهَا إلَّا ضُعَفَاءُ الناس وَسَقَطُهُمْ، وَقَالَتْ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ، فقال الله تَعَالَى لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي، وقال لِلنَّارِ: أَنْتِ عَذَابِي أُصِيبُ بِكِ من أَشَاءُ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا، قال: فَأَمَّا الْجَنَّةُ فإن اللَّهَ لَا يَظْلِمُ من خَلْقِهِ أَحَدًا، وَإِنَّهُ يُنْشِئُ لِلنَّارِ من يَشَاءُ فَيُلْقَوْنَ فيها، فَتَقُوْلُ: هل من مَزِيدٍ ثَلَاثًا، حتى يَضَعَ فيها قَدَمَهُ فَتَمْتَلِئُ وَيُرَدُّ بَعْضُهَا إلى بَعْضٍ، وَتَقُولُ: قَطْ قَطْ قَطْ».
قال الشارح هناك في القَدَم: هو ما يقدمه لها من أهل العذاب أو ثمَّةَ مخلوقٌ اسمه القدم، أو هو عبارة عن زجرها وتسكينها كما يقال وضعته تحت قدمي. انتهى.
قوله:(فِيْ مَوْضِعٍ آخَرَ)؛ أي: في تفسير سورة ﴿ق﴾ وكذا في صحيح مسلم.
قوله:(بِأَنَّهُ غَلَطٌ) احتجَّ على ذلك بأنَّ الله أخبرَ بأنَّ النار تمتلئ من إبليس وأتباعه في قوله تعالى: ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ﴾ الآية [ص: ٨٥].