للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أراد به وجه الله تعالى، إنَّ النَّاس يحتاجون إليه حتَّى في طعامهم وشرابهم، فهو أفضل من التَّطوُّع بالصَّلاة والصِّيام؛ لأنَّه فرض كفايةٍ، وفي حديث أسامة بن زيدٍ عن النَّبيِّ أنَّه قال: «يَحملُ هذا العلمَ من كلِّ خَلَفٍ عُدُولُه، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين» (١)

بأمير المؤمنين؛ أخذًا من هذا الحديث، وممَّن لُقِّبَ بذلك سفيان وابن رَاهُوْيَه والبخاريُّ وغيرهم.

قوله: (فَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ التَّطَوعِ بِالصَّلاةِ) بل قال أبو سعيد الخُدريُّ: مذاكرةُ الحديث أفضل من قراءة القرآن. ورُوي عن ابن عباس قال: مذاكرةُ الحديث ساعةٌ خيرٌ من إحياءِ ليلةٍ.

قوله: (مِنْ كُلِّ خَلَفٍ) بفتح اللَّام فيما يُخلَف في الخير، وسكونها فيما يخلف في الشَّرِّ، قال تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ﴾ الآية [مريم: ٥٩].

وقوله: (عُدُوْلُهُ) بالرَّفع فاعل يحمل.

قوله: (الغَالِيْنَ) بالغين المعجمة؛ أي: الَّذين يغلون في الدِّين؛ أي: يتجاوزون الحدَّ.

قوله: (وانْتِحَالَ … ) إلى آخره، بالحاء المهملة، يُقَالُ: انْتَحَلَ الشَّيء وتَنَحَّلَهُ ادَّعاهُ لنفسه وهو لغيره؛ وأُريدَ به هنا الدَّعوى الكاذبة، والانتحال والتَّأويل والغلوُّ ترجعُ كلُّها لمعنى واحد، وهو تغيير لفظ الحديث أو معناه؛ لغرض من الأغراض الفاسدة.


(١) «تعالى» زيادة من (د).

<<  <   >  >>