والألقاب نوعٌ مُهِمٌّ، قد تأتي في سياق الأسانيد مجرَّدةً عن الأسماء، فيُظَنُّ أنَّها أسماءُ، فيجعل ما ذُكِرَ باسمه في موضعٍ، وبلقبه في موضعٍ آخر شخصين، والذي في «البخاريِّ» منه: الأحول: عامر بن سليمان، الأزرق: إسحاق بن يوسف، الأعرج: عبد الرَّحمن بن هرمز، الأعمش: سليمان بن مِهْران، الأغرُّ:
عبد الله بن شداد هو أبو الوليد بَيَّنَهُ ابن المديني، قال الحاكم: ومَن تَهَاون بمعرفة الأسامي أورثه مثل هذا الوهم.
قال العراقي: وربما وقع عكس ذلك كحديث أبي أسامة عن حماد بن السائب السابق وهو: «ذَكَاةُ كُلِّ مَسْكٍ دِبَاغُهُ»، أخرجه النَّسَائي، وقال: عن أبي أسامة حَمَّاد بن السائب، وإنَّما هو عن حماد فأسقط (عن).
قوله:(وَبِلَقَبِه فِيْ مَوْضِعٍ آخَرَ شَخْصَيْن)؛ أي: كما وَقَعَ لجماعةٍ من أكابرِ الحُفَّاظِ منهم ابن المديني فَرَّقُوا بين عبد الله بن صالح أخي سهل، وبين عباد بن أبي صالح فجعلوهما اثنين، وإنَّما عباد لقبٌ لعبد الله لا أخٌ له باتفاق الأئمة، كما قاله النووي.
واعلم أنَّه اخُتلف فيما كَرِهَهُ المُلَقَّبُ من الألقاب هل يجوز تلقيبه وتعريفه به؟ فجزمَ النووي في «التدريب»(١) تَبَعًا لابن الصلاح وتبعهما العراقي بأنَّه لا يجوز، وجزمَ في سائر كُتبه كالرَّوْضَة و «شرح مسلم» و «الأذكار» بجوازهِ للضرورة، وحمل ما في «التدريب» على أصل التلقيب فيجوزُ بما لا يكره دون ما يكره.
فائدة: أولُّ مَن لُقِّب في الإسلام أبو بكر ﵁، لُقب بعتيق لعتاقة وجهه؛ أي: حُسنه، أو لأنَّه عتيق الله من النار.
والألقاب منها ما لا يُعرف له سببٌ ومنها ما يُعرف، وقد أُلفَ فيها تآليف عديدة أحسنها وأخصرها وأجمعها للحافظ ابن حجر.