قوله:(كُلُّهُم)؛ أي: مَن لابسَ الفتنَ منهم وغيرهم لحديث: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي»، ولا يجبُ البحثُ عن عَدَالَتِهِم.
قال إمام الحرمين: لأنَّهم حملةُ الشريعة فلو ثبت توقُّفٌ في روايتهم لانحصرت الشريعة في عصره ﷺ ولما استرسلت على سائر الأعصار.
وما ذكره الشارح من التعميم هو المعتمد، وقالت المعتزلة: إلَّا من قاتل عليًّا، وقيل: إلَّا المُقَاتِلُ والمُقَاتَلُ.
فوائد:
الأولى: أكثرُ الصحابةِ حديثًا أبو هريرة ﵁، روى خمسة آلاف وثلاثمئة وأربعة وسبعين حديثًا، اتفق الشيخان منها على ثلاثمئة وخمسة وعشرين، وانفرد البخاري بثلاثة وتسعين، ومسلم بمئة وتسعة وثمانين، وروى عنه أكثر من ثمانمئة رجل، وهو أحفظ الصحابة.
ثم عبد الله بن عمر، روى ألفي حديث وستمئة وثلاثين حديثًا.
وابن عباس روى ألفًا وستمئة وستين.
وجابر بن عبد الله روى ألفًا وخمسمئة وأربعين حديثًا.
وأنس بن مالك روى ألفين ومئتين وستًّا وثمانين.
وعائشة أم المؤمنين روت ألفين ومئتين وعشرة.
وأبو سعيد الخدري روى ألفًا ومئة وسبعين.
وليس في الصحابة بعد ذلك من يزيدُ حديثه على ألف، وجملةُ ما روي لأبي بكر ﵁ مئة واثنان وأربعون حديثًا، والسببُ في قِلَّةِ ما روي عنه مع تقدُّمه وسبقه وملازمته له ﷺ أنَّه تُوفي قبل اعتناء الناس بسماع الحديث وتحصيله وحفظه، كذا ذكر النووي في «التهذيب».
الثانية: قال أبو زُرعة الرازي: قُبِضَ رسولُ الله ﷺ عن مئة ألف وأربعة عشر ألفًا من الصحابة ممن روى عنه وسمع منه، فقيل له: هؤلاء أين كانوا وأين جمعوا؟ قال: أهل المدينة ومكة ومن بينهما والأعراب ومَن شهد معه حجة الوداع.