للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن شرف أهل الحديث ما رويناه من حديث عبد الله بن مسعودٍ قال: قال رسول الله : «إنَّ أولى النَّاس بي يوم القيامة أكثرُهم عليَّ صلاةً»، قال التِّرمذيُّ: حديثٌ (١) حسنٌ غريبٌ، وفي سنده موسى بن يعقوب الزَّمعيُّ، قال الدَّارقطنيُّ: إنَّه تفرَّد به، وقال ابن حِبَّان في «صحيحه»: في هذا الحديث بيانٌ صحيحٌ على أنَّ أولى النَّاس برسول الله في القيامة أصحابُ الحديث؛ إذ ليس من هذه الأمَّة قومٌ أكثر صلاةً عليه منهم. وقال غيره: المخصوص بهذا الحديث نَقَلَة الأخبار الذين يكتبون الأحاديث، ويذبُّون عنها الكذب آناء اللَّيل وأطراف النَّهار، وقال الخطيب في كتابه «شرف أصحاب الحديث»: قال لنا أبو نُعيمٍ: هذه مَنقَبةٌ شريفةٌ يختصّ بها رواة الآثار ونَقَلتُها؛ لأنَّه لا يُعرَف لِعصابةٍ من العلماء من الصَّلاة على رسول الله أكثر ما يُعرَف لهذه العِصابة نسخًا وذكرًا، وقال أبو اليُمْن بن عساكرَ:

رحلك) يُكنَى به عن الإقامة، والمراد قد أوتيت سؤلك وصادفت حاجتك وسعادتك الحقيقية فالزمها، فإذا ألزمتها فـ (قد عوفيت من تَعْسٍ) بالفوقيَّة والعين المهملة محرَّكًا؛ أي: خيبة.

قوله: (الزَّمْعِي) بفتح الزَّاي وسكون الميم وبالعين المهملة، نسبة لجده وهب بن زمعة القرشيِّ، كما في «اللُّباب».

قوله: (نَسْخًا)؛ أي: كتابة، وقد ورد: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فِي كِتَابٍ لَمْ تَزَل الْمَلَائِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ مَا دَامَ اسْمِي فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ»، وهذا الحديث وإن كان ضعيفًا فهو ممَّا يَحسن إيراده في ذلك المعنى، قال الحافظ السُّيوطيُّ: ولا يلتَفَتُ إلى ذكر ابن الجوزي له في «الموضوعات» فإنَّ له طُرقًا تُخرجه عن الوضع وتقتضي أنَّ له أصلًا في الجملة، فأخرجه الطَّبرانيُّ من حديث أبي هريرة وأبو الشَّيخ والدَّيلميُّ من طريق أخرى عنه، وابن عديٍّ من حديث أبي بكر الصِّدِّيق، الأصبهانيُّ في «ترغيبه» من حديث ابن عبَّاس، وأبو نُعيم من حديث عائشة ، وقد روي من طريق صحيح (٢) عن أنس يرفعه: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَاءَ أَصْحَابُ الْحَدِيْثِ وَبِأَيْدِيْهِم الْمَحَابِرُ فَيُرْسِلُ الله إِلَيْهِمْ جِبْرِيْلَ


(١) «حديث»: مثبتٌ من (ص).
(٢) قال الخطيب: (تاريخ بغداد ٤/ ٦٤٨): هذا الحديث موضوع، والحمل فيه على الرقي. والرقي هو محمد بن يوسف بن يعقوب أبو بكر الرقي قال عنه الذهبي (ميزان الاعتدال ٤/ ٧٢): وضع على الطبراني حديثًا باطلًا في حشر العلماء بالمحابر.

<<  <   >  >>