ورافضيٍّ وجهميٍّ ومرجئيٍّ، فازدحم النَّاس على البخاريِّ حتَّى امتلأت الدَّار والسُّطوح، فلمَّا كان اليوم الثَّاني أو الثَّالث من يوم قدومه قام إليه رجلٌ، فسأله عن اللَّفظ بالقرآن، فقال: أفعالنا مخلوقةٌ، وألفاظنا من أفعالنا، فوقع بين النَّاس اختلافٌ؛ فقال بعضهم: إنَّه قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، وقال آخرون: لم يقل، فوقع بينهم في ذلك اختلافٌ حتَّى قام بعضهم إلى بعضٍ، فاجتمع أهل الدَّار وأخرجوهم. ذكره مسلم بن الحجَّاج.
وقال ابن عديٍّ: لمَّا ورد نيسابور واجتمع النَّاس عنده حسده بعض شيوخ الوقت، فقال لأصحاب الحديث: إنَّ محمَّد بن إسماعيل يقول: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فلمَّا حضر المجلس قام إليه رجلٌ، فقال: يا أبا عبد الله، ما تقول في اللَّفظ بالقرآن؟ أمخلوقٌ هو أم غير مخلوقٍ؟ فأعرض عنه البخاريُّ ولم يجبه ثلاثًا، فألحَّ عليه، فقال البخاريُّ: القرآن كلام الله تعالى غير مخلوقٍ، وأفعال العباد مخلوقةٌ، والامتحان بدعةٌ، فشغب الرجل، وقال: قد قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ. انتهى.
قوله:(وَجَهْمِيٍّ)؛ أي: منسوبٍ إلى جَهْم، وهو جَهْمُ بن صفوان رئيسُهم، فهُم قومٌ يقولونَ: لا قدرةَ للعبدِ لا مُؤَثِّرَة ولا كَاسِبَة بل هو كالجماد، وقالوا: الجنة والنار يفنيان بعد دخول أهلهما ولا يبقى موجودٌ سوى الله، والمُرْجِئة قومٌ يقولونَ: لا يضرُّ مع الإيمان معصية، كما لا ينفعُ مع الكفرِ طاعة.
قوله:(قَالَ لَفْظِي … ) إلى آخره؛ أي: لأنَّه وإن لم يقل ذلك فهو لازمُ كلامه، فإنَّ اللفظ من أفعال العباد.