للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عظيمٌ في بابه، لم يسبقه إليه أحدٌ فيما أعلم، وقرَّظ له عليه العلَّامة اللُّغويُّ المجد صاحب «القاموس»، كما رأيته بخطِّه على نسخةٍ بخطِّ مؤلِّفه، ولخَّصه في «مقدِّمة الفتح»، فحذف الأسانيد ذاكرًا من خرَّجه موصولًا.

وكذا شرح «البخاريَّ» العلَّامة المفنِّن (١) الأوحد، الزَّين (٢) عبد الرَّحيم بن عبد الرَّحمن بن أحمد، العباسيُّ الشَّافعيُّ، شرحًا رتَّبه على ترتيبٍ عجيبٍ، وأسلوبٍ غريبٍ، فوضعه -كما قال- في ديباجته على منوال «مصنَّف ابن الأثير»، وبناه على مثال «جامعه» المنير، وجرَّده من الأسانيد، راقمًا على هامشه بإزاء كلِّ حديثٍ حرفًا أو حروفًا، يُعلَم بها من وافق البخاريَّ على إخراج ذلك الحديث من أصحاب الكتب الخمسة، جاعلًا إثر كلِّ كتابٍ جامعٍ منه بابًا لشرح غريبه، واضعًا الكلمات الغريبة بهيئتها على هامش الكتاب، موازيًا لشرحها؛ ليكون أسرع في الكشف وأقرب إلى التَّناول، وقرَّظ له عليه شيخنا شيخ الإسلام البرهان بن أبي شريفٍ، والزَّين عبد البرِّ ابن الشِّحنة (٣)، والعلَّامة الرَّضيُّ الغزِّيُّ.

ونَظَم شيخ الإسلام البلقينيُّ مناسبات ترتيب تراجم البخاريِّ، فقال:

أتى في البخاري حكمةٌ في التَّراجمِ … مناسبةٌ في الكُتْبِ مثل البراجمِ

مُخففًا بمعنى أوثقته، استعير لذكرِ الأسانيد التي تركها المؤلفُ في تلك التعاليق والموقوفات والمتابعات كأنَّه أوثقها بهذه الأسانيد بعد أن كانت كالسائبة.

قوله: (وَقَرَّظ لَهُ) التَّقْرِيظ بالظاء المشالة والضاد المعجمة: مدحُ الإنسان، وهو حيٌّ وغلبَ استعماله في مدح التآليف وأربابها.

قوله: (ابْن الشَّحْنَةِ) بفتح الشين المعجمة وسكون الحاء المهملة.

قوله: (فِيْ التَّرَاجِمِ) بالفوقية والجيم المكسورة جمعُ ترجمةٍ، والمرادُ بها الكتب والأبواب التي فيه؛ أي: جاء في ترتيبها -على النَّسق الذي نَسقه الظاهر منه التنافر بين معظمها- حكمةٌ جليلةٌ،


(١) في (ص): «المتقن».
(٢) في (ب) و (د) و (س): «الزَّيني».
(٣) بكسر الشين المعجمة، لا كما قال الشارح .

<<  <   >  >>