للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما له طرقٌ محصورةٌ بأكثرَ من اثنين، كحديث: «إنَّما الأعمال بالنِّيَّة (١)» [خ¦١]، لكنَّه إنَّما طرأتْ له الشُّهرة من عند يحيى بن سعيدٍ، وأوَّل إسناده فَرْدٌ،

قوله: (بَأَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ) هذا هو المعروف كما قاله ابن الصَّلاح.

فما جرى عليه صاحب «البيقونيَّة» من أنَّه أكثر من ثلاثة إذ قال:

مشهور مرويٌّ فوق ما ثلاثة

مردودٌ، والأكثر من اثنين صادق بما بلغَ حدَّ التَّواتر وما لا، فينقسم المشهور إلى متواتر وغيره وكل متواتر مشهور ولا عكس.

قوله: (أَوَّلُ إِسْنَادِهِ فَرْدٌ)؛ أي: لأنَّه تفرَّدَ به عمر إذ لم يَرْوِهِ عن النَّبيِّ إلَّا هو، ثمَّ تَفَرَّدَ بروايته عن عُمر علقمة، ثم محمَّد بن إبراهيم عن علقمة، ثم عنه يحيى بن سعيد، ثم رواه عنه جماعة وعن كل جماعة وهكذا، فطرأت له الشُّهرة من عند يحيى بن سعيد وأوَّل إسناده فردٌ وهو عمر، واعترض بأنَّه لم ينفرد به بل رواه عن النَّبيِّ كما ذكره أبو القاسم بن منده سبعة عشر من الصَّحابة، بل ذكر غيره أكثر منهم، كأبي سعيد الخدريِّ وعليِّ بن أبي طالب وسعد بن أبي وقَّاص وابن مسعود وابن عمر وابن عبَّاس وأنس وأبي هريرة وأبي ذرٍّ.

وذكر ابن منده أنَّه رواه عن عمر غير علقمة، وعن علقمة غير محمَّد، وعن محمَّد غير يحيى.

وأُجيب: بأنَّه لم يصحَّ له طريقٌ غير حديث عمر ولم يروَ بلفظ حديث عمر إلَّا من حديث ابن سعيد وسائر أحاديث الصَّحابة المذكورين إنَّما هي في مطلق النِّيَّة كحديث: «يُبْعَثُوْنَ عَلَى نِيَّاتِهِم»، وحديث: «لَيْسَ لَهُ مِنْ غَزَاتِهِ إِلَّا مَا نَوَى» ونحو ذلك.

والتِّرمذيُّ في جامعه يقول بعد سوق الحديث: (وفي الباب عن فلان وفلان) فلا يريد ذلك الحديث المعيَّن، بل أحاديث أُخر يصحُّ أن تكتب في الباب.

قال القرافي: وهو عملٌ صحيح إلَّا أنَّ كثيرًا من النَّاس يفهمون من ذلك أنَّ مَن ذُكر من الصَّحابة يروون ذلك الحديث بعينه وليس كذلك بل قد يكون كذلك وقد يكون آخر يصحُّ إيراده في ذلك. انتهى.

ولم يصح من طريق عمر إلَّا الطَّريق المتقدِّمة.


(١) في (د) و (ص): «بالنِّيَّات».

<<  <   >  >>