في سندٍ بأنَّه أصحُّ الأسانيد مطلقًا غير مقيَّدٍ بصحابيِّ تلك التَّرجمة لعسر الإطلاق؛ إذ يتوقَّف على وجود درجات القبول في كلِّ فردٍ فردٍ من رواة السَّند المحكوم له، فإن قُيِّد بصاحبها ساغ فيُقال مثلًا: أصحُّ أسانيد أهل البيت:
قوله:(فِي سَنَدٍ)؛ أي: أو حديثٍ، قال العلائيُّ: أمَّا الإسناد فقد صرَّح جماعة بذلك، وأمَّا الحديث فلا يُحفظ عن أحد من أئمَّته أنَّه قال: حديث كذا أصحُّ الأحاديث على الإطلاق؛ لأنَّه لا يلزم من كون الإسناد أصحَّ من غيره أن يكون المتن كذلك، فلذلك لم يخصَّ الأئمَّة إلَّا في الحكم على الإسناد. انتهى. لكنَّ شيخ الإسلام سيأتي إنَّ من لازم ما قاله بعضهم من أنَّ أصحَّ الأسانيد ما رواه أحمد عن الشَّافعي عن مالك عن نافع … إلى آخره أن يكون أصحُّ الأحاديث الحديث الَّذي رواه أحمد بهذا الإسناد. انتهى.
قال الحافظ السُّيوطيُّ: وقد جزمَ بذلك العلائيُّ نفسه في عوالي مالك فقال في الحديث المذكور: إنَّه أصحُّ حديثٍ في الدنيا.
قوله:(بِصَحَابِي تِلْكَ التَّرْجَمَةِ)؛ أي: أو بجهة محصورة كأهل البيت الآتية في الشَّارح أو البصريِّين أو المدنيِّين.
قوله:(على وُجُوْدِ دَرَجَاتِ القَبُوْلِ)؛ أي: المرتفعةُ عن سائر الأسانيد؛ فإنَّ الإطلاع على سائر الأسانيد ومعرفة أنَّ هذا أصحُّها متعسّرٌ بل متعذّر.
تنبيه: يُستفاد من كلام الشَّارح أنَّ الصَّحيح يتفاوت، وهو كذلك فله مراتب مختلفة متنًا وسندًا بحسب تفاوت الأوصاف المقتضية لهما، وإن كان الجميع مشتملًا على الشُّروط المذكورة.
فمن المرتبة العليا سندًا ما ذكره الشَّارح، ومن المرتبة العليا متنًا ما اتَّفق على إخراجه البخاريُّ ومسلم، ثمَّ ما انفرد به البخاريُّ، ثمَّ مسلم، ثمَّ ما كان على شرطهما ولم يخرِّجاه بل خرَّجه غيرهما، ثمَّ ما كان على شرط البخاريِّ، ثمَّ ما كان على شرط مسلم، ثمَّ ما كان على شرط غيرهما كباقي الكتب السِّتَّة.
وسيأتي في الشَّارح الكلام على شرط الشَّيخين، وحاصله أنَّه ليس لهما شرط موجود في كتابيهما فاختلف النَّاس فيه، قيل: والأسلم ما قاله النَّوويُّ: أنَّ المراد بالشَّرط الرِّجال الرَّاوون للحديث،