فإن لم ينصَّ على صحَّته معتَمدٌ فالظَّاهرُ جوازُ تصحيحه لمن تمكَّنت معرفتُه وقويَ إدراكُه، كما ذهب إليه ابن القطَّان والمنذريُّ والدِّمياطيُّ والسُّبكيُّ وغيرهم؛ خلافًا لابن الصَّلاح، حيث مَنَعَ لضعف أهل هذه الأزمان.
قوله:(أَوْ لَمْ يَنُصَّ) كان الأظهر: فإن لم ينصَّ … إلى آخره.
قوله:(جَوَازُ تَصْحِيْحِهِ) قال العراقيُّ: وهو الَّذي عليه عمل أهل الحديث، فقد صحَّح جماعة من المتأخِّرين أحاديث لم نجد لمن تقدَّمهم فيها تصحيحًا.
وقوله:(كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ القَّطَانِ) بالقاف وهو أبو الحسن عليُّ بن محمد بن عبد الملك بن القطَّان صاحب كتاب «الوهم والإيهام»، فصحَّحَ في كتابه المذكور حديث ابن عمر:«أنَّه كان يتوضَّأ ونعلاه في رجليه ويمسح عليهما ويقول: كذلك كَانَ رسول الله ﷺ يَفْعَلُ».
وقوله:(والمُنْذِرِيُّ) هو الحافظ زكيُّ الدِّين، فصَحَّحَ حديثَ بحر بن نصر عن ابن وهب عن مالك ويونس عن الزُّهريِّ عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة في «غُفْرَان مَا تقدَّمَ منْ ذنبهِ وما تأخَّرَ».
وقوله:(وَالدِّمْيَاطِيُّ) هو الحافظ شرف الدِّين من الطَّبقة الَّتي تلي طبقة ابن القطَّان والمنذريِّ،
فصحَّحَ حديث جابر «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ».
وقوله:(والسُّبْكِيُّ) هو تقيُّ الدِّين من الطَّبقة الَّتي بعد طبقة الدّمياطيِّ فصَحَّحَ حديث ابن عمر في «الزِّيارة».
قوله:(حَيْثُ مَنَعَ … ) إلى آخره، قال: لا يُحكم بصحَّته؛ لضعف أهل هذه الأزمان وما من إسناد من ذلك إلَّا ونجدُ في رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابه عَرِيًّا عما يُشترط في التَّصحيح من الحفظ والضَّبط والإتقان، قال في «المنهل»: مع غلبة الظَّنِّ أنَّه لو صحَّ لما أهمله أئمَّة الأعصار المتقدِّمة؛ لشدَّة فحصهم واجتهادهم. انتهى.
قال الحافظ السُّيوطيُّ: والأحوط في مثل ذلك أن يعبَّر عنه بصحيح الإسناد، ولا يطلق التَّصحيح؛ لاحتمال علَّة للحديث خفيت عليه، وقد رأيت من يعبِّر؛ خشية من ذلك بقوله: صحيح إن شاء الله.