(١٣٩)«قلت: وليعلم السائل أن الغرض من هذا الجواب: ذِكر ألفاظ بعض الأئمة الذين نقلوا مذهب السلف في هذا الباب، وليس كل مَنْ ذكرنا شيئًا من قوله من المتكلمين وغيرهم يقول بجميع ما نقوله في هذا وغيره؛ ولكن الحق يُقبل مِنْ كل من تكلم به
وكان معاذ بن جبل يقول في كلامه المشهور عنه، الذي رواه أبو داود في «سننه»: «اقبلوا الحق مِنْ كل مَنْ جاء به؛ وإن كان كافرًا-أو قال فاجرًا-واحذروا زيغة الحكيم. قالوا: كيف نعلم أن الكافر يقول الحق؟ قال: إن على الحق نورًا»(١)، أو قال كلامًا هذا معناه».
نَبَّهُ المصنفُ هنا على أنَّه ما نَقَل هذه النُّقُول على أنها موافقة للحق من جميع الوجوه، ولكن قد تجد لبعضهم كلامًا حسنًا في باب الصفات، لكنه مخالف لقول أهل السنة في بعض المسائل الأخرى في باب الأسماء والصفات، أو في باب الإيمان مثلًا أو في باب القَدَر ونحو ذلك من أبواب العقيدة.
فالمصنف هنا ينقل من كلام هؤلاء ما كان فيه موافقة للحق، ولا يعني ذلك أن كل مَنْ نقل عنه أنه موافق للحق في كل مسائل الاعتقاد.
فعلى الإنسان أن يَتنبه لهذا، فهذا هو منهج شيخ الإسلام في إيراده لهذه النقول من أنه ينقل من كلام هؤلاء ما يوافق فيه الحق في هذه المسألة، ولا يعني ذلك أنَّ كل مَنْ نَقَل عنه نقلًا أنه موافق للحق في جميع المسائل.
فينبغي أن ينتبه طالب العلم إلى أن مقصود شيخ الإسلام مِنْ إيراده لكلام الجويني هنا ليس تقرير التفويض، وكما نعلم أن شيخ الإسلام ابن تيمية يردُّ على منهج
(١) انظر: سنن أبي داود برقم (٤٦١١)، والدارمي (٢٠٥)، وقال محقق سنن الدارمي الشيخ حسين سليم أسد: إسناده صحيح، وقال الشيخ الالباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود عقب (٤٦١١): صحيح الإسناد موقوف.