للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [المجادلة: ٧]، قال الضحاك عند هذه الآية: «هو فوق العرش وعلمه معهم» (١).

وهكذا فسرها الإمام مالك بن أنس كذلك، كما نقل الآجري في «الشريعة»، وغيره عن الإمام مالك أنه قال: «أنه معنا بعلمه» (٢)، وكذا قال ابن عبد البر، وكذا قال جمعٌ من أهل العلم: «إن المعية هنا معية عِلم»، ولم يُنقل عن واحدٍ من السلف أنه فسر المعية هنا بالمعية الذاتية.

فهنا أشار إلى أن كلمة (مع) في اللغة أنها إذا أطلقت، يعني بدون قيد، فليس ظاهرها في اللغة إلا المقارنة المطلقة، أي: تفيد مطلق المصاحبة، ثم المصاحبة قد تختلف فتقول: هذا المتاع معي، أو سرنا والقمر معنا، ففرق بين هذا وهذا، فلو قلت سرنا والقمر معنا، فالقمر في مكانه، وأنتم في مكانكم، فهو يُصاحبكم لكنها مصاحبة عن بعد.

وكما لو قلت: هذا المتاع معي، وقد يكون فوق رأسك، فهذه مصاحبة وهذه مصاحبة، لكن السياق هو الذي يحدد نوع المصاحبة في الأمرين، فيجب أن نتنبه لهذا، فوجه الخلل في فهم البعض أنه يريد أن يُلزم هذه الآية معنى معية الذات، وهذا الفهم لا يوجد إلا في ذهنه، فالخلل هنا ما جاء من النص قطعًا، وإنما مِنْ فهمه هو.

فعلى طالب العلم أن يتنبه لهذا، فالنصوص لا تتعارض ولا تختلف، ومثل هنا مثلًا أن صبيًّا دخل عليه مَنْ يخيفه فبكى؛ فطمأنه أبوه، فقال له من السطح مثلًا: لا تخف أنا معك، فهل يعني هذا أنه معه على الأرض؟ أبدًا لا يُفهم هذا.


(١) «تفسير الطبري» عند تفسيره للآية الكريمة.
(٢) «الشريعة» (٣/ ١٠٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>