(١٤٣)«ونظيرها من بعض الوجوه الربوبية والعبودية، فإنها وإن اشتركت في أصل الربوبية والتعبيد، فلما قال: ﴿بِرَبِّ الْعَالَمِينَ • رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ [الأعراف: ١٢١، ١٢٢] كانت ربوبية موسى وهارون لها اختصاص زائد على الربوبية العامة للخلق، فإنَّ مَنْ أعطاه الله من الكمال أكثر مما أعطى غيره، فقد رَبَّه ورَبَّاه، وربوبيته وتربيته أكمل من غيره.
وكذلك قوله: ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا﴾ [الإنسان: ٦]، و ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا﴾ [الإسراء: ١].
فإن العبد تارة يعنى به المُعَبَّد فيعم الخلق كما في قوله: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مريم: ٩٣]، وتارة يعنى به العابد فيخص، ثم يختلفون، فمن كان أعبد علمًا وحالًا، كانت عبوديته أكمل، فكانت الإضافة في حقه أكمل، مع أنها حقيقة في جميع المواضع».
استُعملت كلمة (عبد) في الشرع على عِدَّة أقسام:
القسم الأول: عبودية الرِّقِّ، كما جاء في قوله: ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ﴾ [النحل: ٧٥]، فالمراد بالعبد هنا: العَبد الرَّقيق المملوك؛ فتُطلق العبودية ويُراد بها عبودية الرِّقِّ.
القسم الثاني: العبودية العامَّة؛ حيث تُطلق العبودية ويُراد بها العبودية العامَّة؛ أي: عبودية الربوبية، كما في قوله: ﴿إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدًا﴾ [مريم: ٩٣]، فالعبد هنا: عَبد القَهر والمُلك لله ﷾، وكلُّنا عبيدٌ لله ﷿.
وعند جمع كلمة (عبد) يَظهر الفرق بين عبودية الربوبية لله ﷿، وكذلك عبودية الرق، فتقول في جمعها: عَبيد، وأمَّا في عبودية الألوهية فتقول: عِباد، ولذلك قال تعالى: ﴿وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا﴾ [الفرقان: ٦٣].
القسم الثالث: العبودية الخاصة، أي: عبودية التَّأَلُّه، كما في قوله تعالى: ﴿واذكر