للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهو يشكك في النصوص الشرعية، ويقول: "إن غايتها الظن"، ثم بعد ذلك يقول: "ثم بعد الأمرين"، أي الوضع والإرادة،

ثانياً: لابد من العلم بعدم المعارض العقلي، يعني إذا جاء النص وجاء المنطق الذي وضعوه وركبوه فعارض النص، فعند ذلك تحدث مشكلة، فعلى سبيل المثال جاء نصٌ يقول: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ ويثبت الاستواء، وفي عقولهم أن الله تعالى لا يوصف بتلك الصفات، فهنا يقولون: "ما بعد الأمرين لابد من العلم بعدم المعارض العقلي، إذ لو وجد المعارض العقلي لقدم على الدليل النقلي قطعاً"، بمعنى أن المسألة ليس فيها تردد عندهم بل يجب قطعاً أن تقدم الدليل العقلي على الدليل النقلي.

وانظر وتأمل في كلامهم فيقول قائلهم هنا مبرراً ومعللاً هذا الحكم وفق أربع فرضيات هي:

الفرضية الأولى: إذ لا يمكن العمل بهما، فإذا كان النقل يقول نعم، والعقل يقول لا، فلا يمكن أن نعمل بنعم ولا في وقتٍ واحد، فتقول استوى ولم يستو،

الفرضية الثانية: ولا يمكن العمل بنقيضهما، يعني لا يمكن أن تنفي الاثنين هذا يقول نعم وهذا يقول لا تقول لا نعم ولا لا.

الفرضية الثالثة: أن تقديم النقل على العقل إبطالٌ للأصل بالفرع، عندهم أن العقل هو الأصل هو الأساس الذي يجب التحاكم إليه، فإن قضى العقل بشيء فيجب الأخذ به، فأنت لو قدمت النقل على العقل فإنك أبطلت النقل، لأن النقل عندهم: لا يثبت إلا بالعقل، فعندهم أن النقل فرع والعقل أصل وهذه قضية واسعة لا يمكن أن ندخل فيها ونتوسع فيها بعمق.

الفرضية الرابعة: أن يقدم العقل على النقل باعتباره هو الأصل على حد قولهم.

والشاهد من هذا الكلام: أن القوم قدموا عقولهم على كلام الله ﷿ وكلام رسوله .

فانظر إلى كلام شيخ الإسلام وانظر إلى كلامهم، فكلام شيخ الإسلام يقول: "قولنا فيها ما قاله الله ورسوله ، والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، ".

وهؤلاء يقولون: يجب أن نعود في الأمر إلى ما جاءت به العقول ونترك المنقول، وأنت إذا تأملت كتب المتأخرين من الأشاعرة وأمثالهم في باب الإلهيات والنبوات لا تجد قال الله وقال رسوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>