للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا تكن أسير التقليد" (١).

ولا شك أن هذا لا يمكن اعتباره مستنداً فاصلاً في هذه المسألة، لأن من كان على جهاز الشرطة قد يكون كلامه نابعاً مما يعيشه من صورة الأمر فقد يعبر عن الأسباب من عدة جوانب، ولو أنصف القاسمي لأورد الروايات الأخرى التي تؤكد أنه ورد في سياق حواره أنه قتله لمقالته في التعطيل فقد قال سلم حيث أخذه، يا جهم! إني لست أقتلك لأنك قاتلتني، أنت عندي أحقر من ذلك. ولكني سمعتك تتكلم بكلام أعطيت الله عهدا أن لا أملكك إلا قتلتك، فقتله».

ومن طريق معتمر بن سليمان عن خلاد الطفواي: «بلغ سلم بن أحوز وكان على شرطة خراسان أن جهم بن صفوان ينكر أن الله كلم موسي تكليماً، فقتله» (٢).

وعلى هذا فقتل الجهم اجتمعت فيه عدة عوامل، ذلك لأن الجهم خرج على جماعة المسلمين، وقاتل ولاة الأمر، فارتكب جريمة تستحق القتال، علاوة على أن الجهم لم يكن مجهولا لدى بني أمية. فكان قد طلبه بنو أمية قبل قتله بسنوات الأجل مقالاته.

فقد نقل اللالكائي عن عبيد بن هاشم أنه قال: «أول من قال القرآن مخلوق: جهم، فأرسلت إليه بنو أمية، فطلبته -يعني قتلته-فطفي الأمر … (٣). وثقل أيضا عن هارون بن معروف أنه قال: «كتب هشام بن عبد الملك -أو بعض ملوك بني أمية -إلى سلم بن أحوز أن يقتل جهما حيثما لقيه، فقتله سلم بن أحوز وكان والي مرو (٤).

ونقل عن صالح بن أبي عبد الله أنه قال: «قرأت في دواوين هشام بن عبد الملك إلى عامله بخراسان نصر بن سيار: أما بعد، فقد نجم (٥) قبلك رجل من الدهرية من الزنادقة يقال له جهم بن صفوان. فإن أنت ظفرت به فاقتله وإلا فادسس إليه من الرجال غيلة ليقتلوه» (٦).

وقال أبو إسماعيل الهروي: «وأما الجعد بن درهم، فضحي به خالد بن عبد الله


(١) تاريخ الجهمية والمعتزلة ص ١٦ - ١٧.
(٢) هذان الأثران ذكرهما الحافظ ابن حجر في فتح الباري (١٣/ ٣٠٨)، ولم أجدهما مسندين في المصادر التي راجعتها. ومن المعلوم أن كتاب ابن أبي حاتم في عداد المفقود.
(٣) شرح أصول الاعتقاد (٣/ ٤٢٢).
(٤) نفس المصدر (٣/ ٤٢٤).
(٥) نجم: طلع وظهر. انظر: المعجم الوسيط (٢/ ٩٠٤).
(٦) شرح أصول الاعتقاد للالكائي (٣/ ٤٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>