للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القسري على رؤوس الخلائق، وما له يومئذ نكير، وذلك سنة نيف وعشرين ومئة. وأما الجهم، فكان بمرو، فكتب هشام بن عبد الملك إلى واليه على خراسان نصر بن سيار يأمره بقتله، فكتب إلى سلم بن أحوز وكان على مرو، فضرب عنقه بين نظارة أهل العلم وهم يحمدون ذلك (١).

وقد قال بعض الباحثين المعاصرين بالجمع بين السببين، قال د. يوسف الوابل: «لا يمنع أن يكون قتله لأمر سياسي، وإن كان قد أمر الخليفة هشام بن عبد الملك بقتله قبل ذلك الأمر ديني، وهو اشتهر عنه من شكهـ وتركه الصلاة أربعين يوما … فكان ذلك سبباً قوياً في أن يأمر الخليفة هشام بن عبد الملك عامله على خراسان نصر بن سيار أن يقتله، ولكنه لم يظفر به إلا حينما خرج مع الحارث بن سريج، فعند ذلك أمر بقتله» (٢) وبناء على ما سبق، يرى فريق أنه نستطيع أن نجمع بين السبين، حيث لا منافاة بينهما، ونقول: إن بني أمية أمروا نصر بن سيار بقتله، فكتب نصر إلى والي شرطه سلم بن أحوز بذلك، ولكنه لم يستطع العثور عليه إلا بعد هزيمة الحارث بن سريج، فقتل من أجل مقالاته ومن أجل خروجه مع الحارث بن سريج. ومما يقوي هذا الأمر أنه لم يذكر أن سلمة قتل أسيراً غيره، حيث نص المؤرخون على أن سلمة أسر أناساً كثيرين من جيش الحارث، وقتل جهم. فربما قصده من بين سائر الأسارى لأجل الحكم السابق من خلفاء بني أمية.

هذا، وقد قيل إن جهما تاب قبل موته، فروى أبوداود وغيره عن أحمد بن حفص بن عبد الله، قال حدثني أبي، قال إبراهيم بن طهمان: حدثنا من لا يتهم-غير واحد-أن جهما رجع عن قوله ونزع عنه، وتاب إلى الله منه، فما ذكرته ولا ذكر عندي إلا دعوت الله عليه! ما أعظم ما أورث أهل القبلة من منطقه هذا العظيم!» (٣).

وهذا الإسناد صحيح إلى إبراهيم بن طهمان، ولكنه منقطع لأنه توفي سنة ١٦٨ هـ (٤)، ولم يسم لنا شيوخه، ثم هو مخالف لجميع ما وصل إلينا من الأخبار عنه، فالله أعلم.


(١) ذم الكلام وأهله (٥/ ١٢٢).
(٢) انظر: مقدمته الكتاب الإبانة، الرد على الجهمية لابن بطة (١/ ٦٩).
(٣) مسائل أحمد لأبي داود (ص ٢٦٩)، والرد على الجهمية لابن بطة. (٢/ ٩١).
(٤) انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر (١/ ٧٨)، وقد ذكر بعض الروايات الأخرى في تاريخ وفاته كلها متقاربة.

<<  <  ج: ص:  >  >>