للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليه، ودفعه برجله» (١).

بل تجاسر على القول بأن القرآن غير محفوظ.

فعن زر بن صالح السدوسي أنه قال: «لقيت جهما فقلت: هل نطق الرب؟

قال: لا.

قلت: فينطق؟

قال: لا.

فقلت: فمن يقول (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ)، ومن يرد عليه و (لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) [غافر: ١٦]؟

فقال: لا أدري، زادوا في هذا القرآن ونقصوا» (٢).

فالقرآن عنده كلام مخلوق مبدل محرف، فما عسى يكون قيمته عنده حينئذ؟

وإذا كان هذا موقفه من كلام رب البرية، هل يحتاج بعد ذلك لبيان موقفه من كلام أصدق البشرية ورسول رب الأرض والسموات؟

ولقد نص الإمام أحمد على أن الجهم … كذب بأحاديث رسول الله (٣). ولما بلغ الإمام أحمد قول أحدهم: «لو ترك أصحاب الحديث عشرة أحاديث -يعني التي في الرؤية»، قال أحمد: «كأنه نزع إلى رأي جهم (٤)، وفيه إشارة إلى أن الجهم كان ينكر الأحاديث.

ولم يعرف عنه استشهاد واحد منه بحديث رسول الله -صحيح أو ضعيف أو موضوع -للمقالات التي ذهب إليها.

ويدل على جهله المركب شهادة علماء الحديث فيه، فقد سئل جهم عن رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها، فقال: عليها العدة (٥)، وهذا جهل واضح بكتاب الله تعالى إذ يقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا) [الأحزاب: ٤٩].


(١) خلق أفعال العباد للبخاري (ص ٢٠)، والرد على الجهمية لابن بطة (٢/ ٩٢)، والسنة لعبد الله بن أحمد (١/ ١٩٧). قال الألباني في مختصر العلو (ص ١٩٢): وسنده صحيح، وقد سبق ذكره.
(٢) ذم الكلام وأهله، للهروي (٥/ ١٢٧، أثر ١٤٥٣)، وذكره شيخ الإسلام في التسعينية (١/ ٢٤١).
(٣) الرد على الجهمية والزنادقة (ص ١٠٤).
(٤) سير أعلام النبلاء للذهبي (١٠/ ٤٥٥).
(٥) خلق أفعال العباد للبخاري (ص ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>