للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالوا: لا.

قال: أفسمعتم كلامها؟

قالوا: لا.

قال: فوجدتم لها حساً؟

قالوا: لا.

قال جهم: فكذلك الله ﷿، لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة، وهو في كل مكان.

وفي رواية أخرى: لا يرى له وجه، ولا يسمع له صوت، ولا يشم له رائحة، وهو غائب عن الأبصار) ولا يكون في مكان دون مكان.

ووجد ثلاث آيات في كتاب الله ﷿ من المتشابه قوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾، [الشورى: ١١]، وقوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ﴾ [الزخرف: ٨٤]، وقوله تعالى: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام: ١٠٣). فبنى أصل كلامه على هذه الثلاث الآيات، ووضع دين الجهمية، وكذب بأحاديث رسول الله ، وتأول كتاب الله على تأويله، فاتبعه من أهل البصرة من أصحاب عمرو بن عبيد، وأناس من أصحاب أبي حنيفة فأضل بكلامه خلقاً كثيراً» انتهى كلامه (١).

وقيل: إن جهما تحير في إجابة السمنية، فأرسل إلى واصل بن عطاء يستنجده، فأجابه واصل بحجج عقلية، إلا أن تفاصيل هذه القصة مخالفة تماما مع ما في جميع المصادر الأخرى، والظاهر أنه من مخترعات المعتزلة (٢).


(١) الرد على الجهمية للإمام أحمد، (ص ١٠٢ - ١٠٤)، ورواه ابن بطة في الإبانة، كتاب الرد على الجهمية (٢/ ٨٧ - ٨٩)، مع اختلاف يسير في بعض ألفاظه.
(٢) ذكر القاضي عبد الجبار هذه القصة بتفاصيلها، فقال: "وذكر أبو الحسن بن فرذويه أن قوما من السمنية أتوا جهم بن صفوان فقالوا له: هل يخرج المعروف عن المشاعر الخمسة؟ قال: لا. قالوا: فحدثنا عن معبودك الذي تعبده أشيء وجدته في هذه المشاعر؟ قال: لا. قالوا: فإذا كان المعروف لا يخرج عن ذلك، وليس معبودك منها، فقد دخل في المجهول. قال: فسكت جهم، وكتب إلى واصل، فكتب إليه واصل: قد كان يجب أن تشترط وجهة سادسة، وهو الدليل، فتقول: إن المعروف لا يخرج عن المشاعر الخمسة وعن الدليل، فلما لم تشترط ذلك، شككت وكفرت … » إلخ القصة، وفيه أن السمنية قصدوا واصلا وناظروا معه، ثم أسلموا. راجع: «فضل الاعتزال» و «طبقات المعتزلة» للقاضي عبد الجبار (ص ١٦٥ و ٢٤٠)، و «المنية والأمل» لابن المرتضى (ص ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>