للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وألف في آخر عمره كتاب الإبانة، وفي جملته أي كتاب الإبانة ما عدا مسائل محدودة قوله فيها قول أهل السنة، كإثبات العلو والاستواء، فقد أثبت في هذا الكتاب علو الله--على خلقه واستوائه على عرشه.

فهذا ما كان من أبي الحسن الأشعري، ولكن كما ذكرنا رجوعه رجوع جملة، وليس فهمًا عميقًا لمنهج السلف لتأخر معرفته لمنهج السلف، ولذلك تلاميذه وكتبه التي انتشرت عندما كان على عقيدة ابن كلاب فهي التي بقيت بعد ذلك واشتهرت، وأخذها من بعده تلاميذه، وانتشرت الأشعرية في الشافعية والمالكية خاصة ولم تنتشر في الأحناف؛ لأن الماتريدية هي التي انتشرت في الأحناف، وبما أن أبو منصور الماتريدي كان معاصرًا لأبي الحسن الأشعري، لأن وفاة أبي منصور الماتريدي حدِّدت بعام ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين، وإن كان وجود الماتريدية في ذلك الوقت كان فيما وراء النهر، وهذا يبين ويوضح كيف أنه إلى زماننا هذا ما تزال عقائد الماتريدية منتشرة في الأحناف؛ لأن انتشار الحنفية كما هو معلوم يغلب على كثير من بلاد المشرق وبخاصة القارة الهندية وما يعرف بأفغانستان والجمهوريات المستقلة من الاتحاد السوفيتي السابق وتركيا والمسلمون الموجودون في جنوب أوربا، كل هؤلاء من الأحناف على عقائد الماتريدية.

فالماتريدية كان وجودها الأصلي بين الأحناف، ولذلك يقولون إنه لم يكن على الأشعرية من الأحناف إلا أبو جعفر السمناني، وكان يقال عنه مؤمن آل فرعون، لأنه كان الوحيد من الأحناف على عقائد الأشعرية.

أما انتشار الأشعرية فبدأ من القرن الرابع، أما كونهم لهم شوكة وصولة وجولة، فهذا بدأ من عهد السلاجقة، أي في القرن الخامس وتحديدًا في عام أربعمائة وخمسين للهجرة، ففي زمن نظام الملك الذي كان وزيرًا في دولة السلاجقة، وكان نظام الملك على الأشعرية وأسَّس ما يسمَّى بالمدارس النظامية، فهي منسوبة إليه.

وكان أول نفوذ للأشعرية في السلطة بدأ من وقته، فانتشرت المدارس النظامية في ذلك الحين في عهد السلاجقة، وجاء حكم السلاجقة بعد البويهيين، وبني بويه كانوا رافضة، إلى أن جاء السلاجقة وأزاحوا البويهيين نظرًا لأن البويهيين في آخر وقتهم خلعوا الخليفة العباسي في ذلك الوقت وبايعوا بالخلافة للعبيديين الفاطميين ولكن بعد ذلك تمكن السلاجقة من الاستيلاء على بغداد وأسَّسوا نظامهم الخاص بهم مع بقاء الخلافة في بني العباس، ومن ذلك الوقت بدأ للأشاعرة وجود تدعمهم سلطة

<<  <  ج: ص:  >  >>