للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعلى إثرها أسست تلك المدارس وهي المدارس النظامية، وكانت هي البداية لانتشار الاعتقاد الأشعري.

وأما في بلاد الشام فإن انتشار الأشعرية كان على يد صلاح الدين، فصلاح الدين الأيوبي (١) وقبله محمود زنكي؛ ألزموا المدارس في الشام وفي مصر بتدريس العقيدة الأشعرية، ومن ذلك الحين كان لها وجود في بلاد الشام وفي بلاد مصر.

وأما في بلاد المغرب فكان على يد ابن تومرت الذي أخذ بأقوال الأشاعرة وأسَّس على إثر ذلك دولة الموحدين في بلاد المغرب وجعل المعتقد الأشعري هو الذي يدرَّس في ذلك الزمن وفي ذلك المكان.

فمن هنا انتشر المعتقد الأشعري على هذا الأساس، ويزامنه في الوقت ذاته معتقد الماتريدية، وكما قلنا الماتريدية مستقلون في رأيهم وفكرهم وإن كان هناك تشابه كبير جدًا بين الأشاعرة والماتريدية ولكن نفوذهم وانتشارهم كان في الأحناف.

وكما هو معلوم أن بغداد وبلاد الشام ومصر هي أهم مناطق في العالم الإسلامي في ذلك الحين، لأن فيها مراكز النفوذ والحكم من جهة، وفيها كذلك مدارس العلم ومعاهد العلم من جهة، وهذا أوجب انتشار الأشعرية منذ ذلك الحين.

والأشعرية كانوا في الأساس منقسمون إلى أشاعرة بغداد وأشاعرة خراسان، وأما أشاعرة خراسان فكانوا أكثر إنكاراً للصفات من أشاعرة بغداد، ويمثل ذلك ابن فورك، ومن يقرأ لابن فورك يجد أن عنده ما ليس موجودًا حتى عند الأشعري ولا حتى عند الباقلاني مثلًا.

والجدير ذكره هنا أن الباقلاني هو أول من نشر هذه العقيدة في المالكية، وبعد ذلك جاء الجويني ومن بعده الغزالي ثم الرازي، وهؤلاء كانوا أكثر إنكاراً وتحريفاً


(١) صلاح الدين الأيوبي، وكان صلاح الدين الأيوبي أشعرياً، فقد حفظ في صباه عقيدة ألفها له قطب الدين أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوري أحد أعلام الأشعرية وصار يحفظها صغار أولاده، ولذلك نشأ هو وأولاده على المعتقد الأشعري، فحمل صلاح الدين الكافة على عقيدة أبي الحسن الأشعري، وتمادى الحال على ذلك في جميع أيام ملوك بني أيوب، ثم في أيام مواليهم الملوك من الأتراك.
وقد كان لذلك دوره الكبير في نشر الأشعرية في سائر أنحاء العالم الإسلامي، فمصر التي كانت مقر الدولة الأيوبية كانت هي حاضرة العلم في تلك العصور وقد كان للأزهر دور كبير في نشر العقيدة الأشعرية التي ادخلها صلاح الدين في مصر بعد أن قضى على الدولة العبيدية الإسماعلية، ومنذ زمن صلاح الدين والأزهر يقرر عقيدة الأشاعرة إلى يومنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>