للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السلف في أن نفي العلم بالكيفية لا يتعارض مع الإيمان بأصل الصفة، فقد استدلوا أيضاً بأدلة عقلية تدل على هذه القاعدة المهمة.

من ذلك أن يقال: إن كيفية الشيء لا تدرك إلا بأحد طرق ثلاث:

إما بمشاهدته، أو مشاهدة نظيره، أو خبر الصادق عنه.

ونحن لم نشاهد الله ﷿، فإن ذلك من الأمور المستحيلة في هذه الدنيا، والله ﷿ ليس له نظير حتى يقاس عليه، فتعرف كيفية صفاته، ولم يأتنا الخبر الصادق من الله ﷿ أو من رسوله ، عن كيفية صفاته تعالى، والذي جاءنا هو الإخبار عن اتصاف الله ﷿ بهذه الصفات الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فوجب الإيمان بها والوقوف حيث وقف الله ﷿ ورسوله، وعدم الخوض في شأن الكيفية (١).

كما استدلوا أيضاً في هذه المسألة بقياس الأولى، فإن الإنسان يؤمن بحقائق كثيرة، ولا يعلم كنهها وكيفيتها، وعدم علمه بكيفية هذه الأشياء التي يؤمن بها لم يقدح في إيمانه بها، لعجزه وضعفه عن إدراك أشياء كثيرة تحيط به في هذا العالم من حوله، بل مثال ذلك أقرب الأشياء إليه وهي روحه التي بين جنبيه، يؤمن الإنسان ويجزم بوجودها، وإن لم يعرف حقيقتها وكنهها، فالله ﷿ أولى أن يُؤمن العبد بصفاته الثابتة له، وإن لم يعلم كيفيتها، وعدم علمه بكيفيته ليس مسوغاً أبداً، لجحدها وإنكارها، أو تعطيلها عن معانيها التي تدل عليها (٢).


(١) انظر: شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين (١/ ٩٨ - ١٠٢).
(٢) انظر: درء تعارض العقل والنقل (١٠/ ٢٩٣)، مدارج السالكين (١/ ٤٦١، ٣/ ٣٧٦)، اجتماع الجيوش الإسلامية ص (١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>