للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال رسول الله : «لا تَمتلئ النارُ حَتَّى يَضع الجَبَّارُ فيها قَدَمه، فتقول: قط قط، وينزوي بعضها إلى بعض» (١).

وقال لثابت بن قيس : «لقد ضَحِك اللهُ مِمَّا فعلت بضيفك البارحة» (٢).

وقال فيما بلغنا: «إن الله ليضحك من أَزلِكم وقنوطكم (٣) وسرعة إجابتكم»، فقال له رجل من العرب: إنَّ رَبَّنا ليضحك؟ قال: «نعم». قال: لا نَعْدِمَ مِنْ ربٍّ يَضحك خيرًا» (٤). في أشباهٍ لهذا مِمَّا لم نُحْصِه.

وقال الله تعالى: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ [الطور: ٤٨]، وقال تعالى: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ [طه: ٣٩]، وقال: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: ٧٥]، وقال تعالى: ﴿وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الزمر: ٦٧].

فوالله ما دلَّهُم على عِظَم ما وصف من نفسه، وما تحيط به قبضته إلا صِغر نظيرها منهم عندهم، إن ذلك الذي ألقى في رُوعهم، وخلق على معرفة قلوبهم، فما وصف الله مِنْ نفسه فسَمَّاه على لسان رسوله سَمَّيْنَاه كما أَسْمَاه، ولم نتكلف منه صِفة ما سواه-لا هذا ولا هذا-لا نَجحد ما وصف، ولا نتكلف معرفة ما لم يَصِف.

اعلم-رحمك الله-أنَّ العِصمة في الدِّين أن تنتهي في الدِّين حيث انْتُهي بك، ولا تُجاوز ما حُدَّ لك؛ فإنَّ مِنْ قِوام الدِّين معرفة المعروف وإنكار المنكر، فما بُسطت عليه المعرفةُ وسَكنت إليه الأفئدةُ وذُكِر أصلُه في الكتاب والسُّنَّة وتَوارث علمَه الأُمَّةُ؛ فلا تَخافنَّ في ذكره وصفته مِنْ رَبِّك ما وصفه من نفسه عيبًا، ولا تكلفنَّ لما وصف لك من ذلك قدرًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


(١) رواه البخاري (٤٨٥٠)، ومسلم (٢٨٤٧) من حديث أبي هريرة .
(٢) رواه البخاري (٣٧٩٨) ومسلم (٢٠٥٤) من حديث أبي هريرة ، وفيهما: أن المقول له ليس ثابت بن قيس ، وإنما هو أبو طلحة . وقد بَيَّنَ الإمامُ ابنُ حجر «فتح الباري» (٧/ ١١٩، ١٢٠) أن هذا وهم وقع في بعض الروايات، والصحيح أن المقول له: هو أبو طلحة ، كما نصَّت على ذلك روايةُ مسلم.
(٣) الأزل: الشدة والضيق. والقنوط: اليأس. كأنَّه أراد من شدة ضيقكم ويأسِكم. انظر «النهاية» لابن الأثير (١/ ٩٨).
(٤) رواه ابن ماجه (١٨١)، وابن أبي عاصم في «السنة» (١/ ٢٤٤) برقم (٥٤٤)، والطبراني في «الكبير» (١٩/ ٢٠٧، ٢٠٨) من حديث أبي رزين ، وضعفه الألباني في «ضعيف ابن ماجه» (٣١)، ثم صححه في «الصحيحة» (٢٨١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>