يستفاد من قول الإمام عبد العزيز بن الماجشون السابق الأمور الآتية:
أولًا: الإثبات، وذلك من قوله:«فما وصف اللهُ مِنْ نفسه فسَمَّاه على لسان رسوله ﷺ سَمَّيْنَاه كما أَسْمَاه»، أي: أثبتنا ما أثبته الله لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله ﷺ.
ثانيًا: عدم الزيادة، وذلك من قوله:«ولم نَتَكَلَّف منه صفة ما سواه؛ لا هذا ولا هذا»، أي: لا نزيد على ما أثبته اللهُ لنفسه في كتابه وعلى لسان رسولِه ﷺ.
ثالثًا: التوقف فيما لم يَرِد إثباته أو نفيه؛ وذلك من قوله:«ولا نَتَكَلَّفُ معرفةَ ما لم يَصِف»، أي: لا نخوضُ في معرفة ما لم يَرِد به نصٌّ، ولا نتكلف معرفةَ ذلك».
رابعاً: عدم النقص، وذلك من قوله:«لا نَجحد ما وصف»، أي: لا نُنقص مما أَثبته الله لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله ﷺ.
ونستفيد قاعدة جليلة جدًّا من قوله ﵀:«اعلم-رحمك الله-أنَّ العصمة في الدِّين أن تَنتهي في الدِّين حيث انْتُهِي بك، ولا تُجاوز ما حُدَّ لك». فهذه قاعدة عظيمة النفع لو التزمها العبد لَسَلِم ونجا، أي: قِف عند ما أخبرك الله من الغَيب، ولا تتجاوز ذلك الحدَّ.
وبَيَّن العلة من ذلك فقال:«فإنَّ مِنْ قِوَام الدِّين: معرفةَ المعروف وإنكارَ المنكر»: أي: من إقامة الدين: معرفة المعروف وإنكار المنكر، «فما بُسِطت عليه المعرفةُ، وسَكنت إليه الأفئدةُ، وذُكر أَصْلُه في الكتاب والسُّنَّة وتَوَارَثَ عِلْمُه الأمة، فلا تخافنَّ في ذِكره وصفته من ربك ما وصفه من نفسه عيبًا»، أي: اصدع به، وقل كما صحَّ:«يضحك رَبُّنا»، و «يَغضب ربُّنا»، و «يرضى ربنا»! فلماذا تَجبن في هذه المواقف؟ مع أنَّ عندك من كلام الله تعالى وما صحَّ من كلامِ رسوله ﷺ ما يُؤَيِّد ذلك؛ فقد جاءت هذه الصفاتُ صريحةً فيهما؟!
وقوله:«فلا تخافنَّ في ذِكره وصفته من ربِّك ما وصفه من نفسه عيبًا»، يعني: لا تَخف أن يُعاب عليك بما تذكره من صفات الله الصحيحة الثابتة؛ فيُقال عنك: مُشَبِّه، أو مجسِّم، أو حشوي، أو وهَّابي، أو غير ذلك من الألقاب التي يُطلقونها على مَنْ يثبت صفات الله من غير تكييف.
فلا تَخْشَ-أيها المُسلم على منهج أهل السُّنَّة والجماعة-على نفسِك مِنْ ذِكْرِ أمرٍ أخبر الله به؟