للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإذًا من القول على الله-﷿-بغير علم: أن تَصِفَه بما لم يَصف به نفسه.

وهل هناك أَسْلَمُ من هذا المنهج في التعامل مع صفات الله ؟!

منهجٌ يقف مع النصِّ ولا يتجاوزه، فكلُّ ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسوله يُثبته، وكل ما نفاه الله عن نفسه وما نفاه عنه رسوله يَنفيه، وما لم يأت فيه نصٌّ بإثبات أو نفي-يَتوقف فيه، ويَنهى عن الخوض فيه إثباتًا أو نفيًّا.

ثم انتقل الإمام ابن المَاجِشُون إلى الرد على مَنْ جحد رؤية الله تعالى في الآخرة، وبَيَّن أنَّ الشيطان لم يَزل يُملي له حتى جَحَد قولَ الرَّبِّ ﷿: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢، ٢٣]، فقال: لا يراه أحدٌ يوم القيامة … إلى أن قال: «وإنَّما جحد رؤية الله يوم القيامة إقامة للحُجَّة الضَّالة المضلة؛ لأنه قد عرف إذا تجلى لهم يوم القيامة رأوا منه ما كانوا به قبل ذلك مُؤمنين، وكان له جاحدًا».

ولذلك نقول للذين يتبجحون ويزعمون أنهم يَرون الله في الدنيا-: أين أنتم من هذا الحديث الذي هو في «صحيح مسلم»، وفيه يقول النبيُّ لأصحابه وهم خير هذه الأمة وأفضلها وأشرفها-: «تَعَلَّمُوا؛ أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ حَتَّى يَمُوتَ» (١).

فباب رؤية الله--لا سبيل إليه في هذه الحياة الدنيا، ولم يتحقق حتى لكليم الله ﷿ موسى ؛ قال الله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي﴾ [الأعراف: ١٤٣].

وهذا من عقيدة أهل السنة؛ ولذا ينبغي أن نذكِّرهم بمثل هذه الأحاديث، وعلينا أن نُعَلِّمَ عوامَّ الناس أمثالَ هذه الأحاديث حتى لا تَروج أكاذيب الصوفية ودعاواهم عليهم.

فهم يزعمون أنهم يرون الله ، وأن الحجاب يُكشف لهم، وهذا زعم باطل، قالوه لكي يروِّجوا أقاويلهم على العوام.

ولذلك يزعم هؤلاء: أن أهل السنة يأخذون علمهم بواسطة، وأما هم-أي: المتصوفة-فيأخذون علمهم عن الله بدون واسطة!

فإنهم لم يَبْقَ أمامهم بعد ذلك إلا أن يَدَّعوا النبوة، ولولا الخوف من أن تَطير رءوسهم لفعلوها، ولتبجحوا بذلك.

فينبغي الحذر من ذلك، ويجب تذكير عامة الناس بهذه الأحاديث التي تَرُدُّ على هذه الدعاوى.


(١) انظر صحيح مسلم كتاب الْفِتَنِ وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ، بَابُ ذِكْرِ ابْنِ صَيَّادٍ، برقم (٢٩٣٠)، والترمذي (٢٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>