للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولذلك عرَّفَ الأشاعرة الكفر فقالوا: «الكفر هو التكذيب»؛ فحصروا الكفر في التكذيب، كما حصروا الإيمان في التصديق؛ فمقابل التصديق: التكذيب. وهذا هو قول الأشاعرة.

ولذلك الناس مختلفون في مسألة الكفر؛ فهناك مَنْ يقول: لا نُكَفِّر أحدًا من أهل القبلة. وهناك مَنْ يكفِّر بأدنى بدعة. وأمَّا أهل السُّنَّة فيقولون: إن الأمر يختلف باختلاف البدع؛ فمن البدع ما هي مُضَلِّلة، ومنها ما هي مُكَفِّرة.

فمثلًا لو أنَّ إنسانًا أقامَ مَوْلِدًا؛ فلا نقول: إنه يكفر بهذا. ولكن لو أن إنسانًا فعل أمرًا يناقض أصل الإيمان؛ فإننا نقول: إن هذا القول-أو هذا الفعل-كُفْرٌ، كما نقول مثلًا: إن نفي الصفات وتعطيلها كفرٌ.

فينبغي لطالب العلم أن يتصور ما الإيمان؟ وما الكفر؟ ثم بعد ذلك يَعرف لماذا ينقسم الكفر إلى قسمين: كفر أكبر مخرج من الملة. وكفر أصغر لا يُخرج من الملة، وهو الذي نُسَمِّيه كفرًا دون كفر، أو كفرًا لا يُخرج من الملة.

فهذه مسألة واسعة، وينبغي على طالب العلم أن يعرف ما الكفر؟ وما أقسامه؟ وما الشرك؟ وما أقسامه؟ وكذلك ما النفاق؟ وما أقسامه؟ وكذلك ما الردة؟ وما أقسامها؟

فهذه المسائل ينبغي لطالب العلم أن يتصورها تصورًا واضحًا، حتى يعرف ما هو الإيمان؟

لأن الناس لما اختلفوا في مسألة الإيمان تَفَرَّع عن هذا الاختلاف اختلافٌ في مسألة الكفر.

فذلك الذي قال بِكُفْر مُرتكب الكبيرة، إنما وقع في هذا الزَّلل؛ لكونه يرى أن الإيمان شيءٌ واحدٌ إذا ذهب بعضُه ذهب كله.

وكثير من الناس لا يستطيع أن يتصور ما النفاق؟ وأنه نوعان.

فأصل النفاق: اختلاف الظاهر عن الباطن، ولذلك تارةً يكون أكبر، وتارةً يكون أصغر.

فيكون أصغر إذا اختلف السر والعلانية في الواجبات، ولذلك جاء في الحديث: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ»، وفي رواية: «وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» (١).


(١) انظر: صحيح البخاري، كِتَابُ الإِيمَانِ، بَابُ عَلَامَةِ المُنَافِقِ، برقم (٣٣)، ومسلم كِتَابُ الْإِيمَانَ، بَابُ بَيَانِ خِصَالِ الْمُنَافِقِ (٥٩)، والترمذي (٢٦٣١)، والنسائي (٥٠٢١)، والإمام أحمد في المسند، مُسْنَد المُكْثِرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ (٨٦٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>