للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا التفرُّق؛ فظَنَّ أنه لا يُعيده إذا صار كذلك، وكل واحد: مِنْ إنكاره لقدرة الله، وإنكاره مَعاد الأبدان وإن تَفَرَّقَتْ؛ كُفْر، لكنه كان مع إيمانه بالله، وإيمانه بأمره، وخشيته منه جاهلًا بذلك، ضالًّا في هذا الظَّنِّ مُخطئًا، فَغَفَر اللهُ له ذلك. والحديث صريحٌ في أنَّ الرجل طَمِع أن لا يُعيده إذا فعل ذلك، وأدنى هذا أن يكون شاكًّا في المعاد وذلك كفر؛ إذا قامت حُجَّة النبوة على مُنكره حُكم بكفره» (١).

الشرط الرابع: قَصْد الفعل أو القول أو الاعتقاد المُكَفِّر؛ فمَن قصد الفعل المكفِّر-وإن لم يَعلم أنه كُفْر-وعلم بأنه منهي عنه، فقد توافر فيه شرط القصد، ثم إذا ظهر أنه جاهل يُعَلَّم، فإن أصرَّ كَفَرَ بهذا.

والإكراه منافي للقصد، فإذا أُكره على الكفر؛ فنَطق بالكفر أو فعل مُكَفِّرًا-وكان قلبه مُطمئنًا بالإيمان-لم يُحكم بكفره؛ قال الله تعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النحل: ١٠٦].

والقَصْد مقابله: الخطأ؛ فالخطأ مانع من موانع التكفير؛ قال الله تعالى: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: ٥]، وقال جل وعلا: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، وعند مسلم: «أنَّ الله ﷿ قال: «قَدْ فَعَلْتُ» (٢)، وقال : «إنَّ اللهَ وَضَعَ عن أُمَّتي الخطأَ والنِّسيان وما اسْتُكرهوا عليه» (٣).

فالواجب الحذر من إطلاق الكفر على إنسان معين أو طائفة معينة حتى يُعلم تحقق شروط التكفير في حقها وانتفاء موانعه.


(١) «مجموع الفتاوى» (١١/ ٤٠٩، ٤١٠).
(٢) رواه مسلم (١٢٦) من حديث ابن عباس .
(٣) رواه ابن ماجه (٢٠٤٣) من حديث أبي ذر الغفاري، ورواه ابن حبان في «صحيحه» (٧٢١٩)، والدارقطني في «سننه» (٤٣٥١) من حديث ابن عباس ، وصححه الألباني في «المشكاة» (٦٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>