للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣ - وشاك في أفعاله هل هي مقارنة له أزلا وأبدا لم تزل معه أم الفعل متأخر عنه تأخرا لا نهاية لأمده فصار فاعلا بعد أن لم يكن فاعلا ومات لم تنحل له عقدتها.

فننظر في كتبه الكلامية قول المتكلمين، وفي كتبه الفلسفية قول الفلاسفة، وفي كتبه التي خلط فيها بين الطريقتين يضرب أقوال هؤلاء بهؤلاء، وهؤلاء بهؤلاء، ويجلس بينهما حائرا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء" (١)

وأما توبة الجويني فقال عنها المصنف: "ويقول الآخر [منهم]: «لقد خضت البحر الخضم، وتركت أهل الإسلام وعلومهم، وخضت في الذي نهوني عنه، والآن إن لم يتداركني ربي برحمة [منه] فالويل لفلان، وها أنا ذا أموت على عقيدة أمي» (٢)

وهذا أبو حامد الغزالي يقول كما ذكر المصنف: "ويقول الآخر منهم: «أكثر الناس شكًا عند الموت أصحاب الكلام».

قال ابن تيمية في معرض حديثه عن تجربة الغزالي وما حكاه عن نفسه وأنه طالع كتب أهل الكلام، ثم الفلاسفة، ثم الباطنية، ثم المتصوفة: "ولهذا تبين له في آخر عمره إن طريق الصوفية لا تحصل مقصوده فطلب الهدى من طريق الآثار النبوية، وأخذ يشتغل بالبخاري ومسلم، ومات في أثناء ذلك على أحسن أحواله وكان كارها ما وقع في كتبه من نحو هذه الأمور ممّا أنكره الناس عليه، حتى قال المازري وغيره ما معناه: " (٣)

وقال أيضاً: "وأبو حامد لم ينشأ بين من كان يعرف طريقة هؤلاء، ولا تلقى عن هذه الطبقة، ولا كان خبيرا بطريقة الصحابة والتابعين، بل كان يقول عن نفسه أنه مزجي البضاعة في الحديث، ولهذا يوجد في كتبه من الأحاديث الموضوعة والحكايات الموضوعة ما لا يعتمد عليه من له علم بالآثار، ولكن نفعه الله تعالى بما وجده في كتب الصوفية والفقهاء من ذلك كتاب أبي طالب ورسالة القشيري وغير ذلك، وبما وجده في كتب


(١) الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة ٢/ ٦٦٦
(٢) ذكر ابن الجوزي: أن الحافظ أبا جعفر قال: سمعت أبا المعالي يقول: "ركبت البحر الخضم، وغصت في الذي نهى أهل الإسلام عنه، كل ذلك في طلب الحق، وكنت أهرب في سالف الدهر من التقليد، والآن فقد رجعت عن الكل إلى كلمة الحق، عليكم بدين العجائز، فإن لم يدركني الحق بلطيف بره، وإلا فالويل لابن الجويني". راجع: المنتظم ٩/ ١٩. وقد ذكر هذا الخبر: الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٧٠ - ٤٧١، والسبكي في طبقاته ٥/ ١٨٥، وابن تيمية في التسعينية ١/ ١٩٨
(٣) شرح العقيدة الأصفهانية ١/ ١٧٤

<<  <  ج: ص:  >  >>