للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أصحاب الشافعي ونحو ذلك فخيار ما يأتي به ما يأخذ من هؤلاء وهؤلاء. " (١)

والمصنف يريد هنا الإشارة إلى أن أهل الكلام الذين سلكوا هذا الباب حالهم دائر بين ثلاثة أحوال:

الحال الأول: حال التوبة والندم والرجوع إلى مذهب أهل السنة والجماعة.

والحال الثاني: حال الشك والارتياب، ومن ذلك ما نقله عن الغزالي، وقد ذكر المصنف نماذج لحال هؤلاء ومن ذلك قوله: "وقد بلغني بإسناد متصل عن بعض رؤوسهم وهو الحونجي صاحب (كشف الأسرار في المنطق)، وهو عند كثير منهم غاية في هذا الفن. أنه قال عند الموت: "أموت وما علمت شيئا إلا أن الممكن يفتقر إلى الواجب. ثم قال: الافتقار وصف عدمي. أموت وما علمت شيئا" (٢)

وقال ابن تيمية : "حدثني من قرأ على ابن واصل الحموي أنه قال: أبيت بالليل، وأستلقي على ظهري، وأضع الملحفة على وجهي وأبيت أقابل أدلة هؤلاء بأدلة هؤلاء وبالعكس، وأصبح وما ترجح عندي شيء" (٣)

وقال آخر: "بت البارحة أفكر إلى الصباح في دليل على التوحيد سالم عن المعارض فما وجدته" (٤)

قال ابن تيمية: "ولو جمعت ما بلغني في هذا الباب عن أعيان هؤلاء كفلان وفلان لكان شيئاً كثيراً، وما لم يبلغني من حيرتهم وتشككهم أكثر وأكثر (٥) "

وقال أبو الوفاء بن عقيل : "وقد أفضى الكلام بأهله إلى الشكوك، وكثير منهم إلى الإلحاد؛ تشم روائح الإلحاد من فلتات كلام المتكلمين … " (٦)

والحال الثالث: هو التردد والانتقال من قول إلى قول ويصف المصنف حال هؤلاء بقوله: "إنك تجد أهل الكلام أكثر الناس انتقالا من قول إلى قول، وجزما بالقول في موضع، وجزما بنقيضه، وتكفير قائله في موضع آخر، وهذا دليل عدم اليقين، فإن الإيمان كما قال فيه قيصر لما سأل أبا سفيان عمن أسلم مع النبي : هل يرجع أحد منهم عن دينه سخطة له، بعد أن يدخل فيه؟ قال: لا. قال: وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشته القلوب، لا يسخطه أحد. ولهذا قال بعض السلف -


(١) شرح العقيدة الأصفهانية ١/ ١٨٠
(٢) درء تعارض العقل والنقل ٣/ ٢٦٢
(٣) درء تعارض العقل والنقل ٣/ ٢٦٣
(٤) درء تعارض العقل والنقل ٣/ ٢٦٣
(٥) درء تعارض العقل والنقل ١/ ١٦٦
(٦) تلبيس إبليس لابن الجوزي ص ٨٥

<<  <  ج: ص:  >  >>