للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن القيم : "أما قول ابن حامد أنه نزول انتقال فهو موافق لقول من يقول يخلو منه العرش، والذي حمله على هذا إثبات النزول حقيقة، وأن حقيقته لا تثبت إلا بالانتقال، ورأى أنه ليس في العقل ولا في النقل ما يحيل الانتقال عليه، فإنه كالمجيء والإتيان والذهاب والهبوط، وهذه أنواع الفعل اللازم القائم به، كما أن الخلق، والرزق، والإماتة، والإحياء، والقبض، والبسط أنواع للفعل المتعدي، وهو سبحانه موصوف بالنوعين، وقد يجمعهما كقوله ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الأعراف ٥٤].

والانتقال جنس لأنواع المجيء، والإتيان، والنزول، والهبوط، والصعود، والدنو، والتدلي ونحوها؛ وإثبات النوع مع نفي جنسه جمع بين النقيضين.

قالوا: وليس في القول بلازم النزول والمجيء والإتيان والاستواء والصعود محذور البتة ولا يستلزم ذلك نقصاً، ولا سلب كمال، بل هو الكمال نفسه، وهذه الأفعال كمال ومدح، فهي حق دل عليه النقل ولازم الحق حق" (١).

القول الثاني: أنه ينزل ولا يخلو منه العرش.

وهذا القول ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أنه قول جمهور أهل الحديث (٢).

وقال: "ونقل ذلك عن الإمام أحمد بن حنبل في رسالته إلى مسدد، وعن إسحاق بن راهويه، وحماد بن زيد، وعثمان بن سعيد الدارمي وغيرهم" (٣).

قال القاضي أبو يعلى: "وقد قال أحمد في رسالته إلى مسدد: إن الله ﷿ ينزل في كل ليلة إلى السماء الدنيا ولا يخلو من العرش. فقد صرح أحمد بالقول إن العرش لا يخلو منه" (٤).

وسأل بشر بن السري حماد بن زيد، فقال: "يا أبا إسماعيل، الحديث الذي جاء "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا" يتحول من مكان إلى مكان؟ فسكت حماد بن زيد، ثم قال: هو في مكانه يقرب من خلقه كيف يشاء" (٥).


(١) مختصر الصواعق (٢/ ٢٥٤ - ٢٥٥).
(٢) شرح حديث النزول (ص ٢٠١)، ومنهاج السنة (٢/ ٦٣٨).
(٣) المصدر السابق (ص ١٤٩).
(٤) إبطال التأويلات (١/ ٢٦١).
(٥) أخرجه العقيلي في الضعفاء (١/ ١٤٣).
وأخرجه ابن بطة في الإبانة، كما في المختار من الإبانة (ص ٢٠٣ - ٢٠٤، برقم ١٥).
وأورده ابن تيمية في شرح حديث النزول (ص ١٥٠ - ١٥١)، وفي درء تعارض العقل والنقل (٢/ ٢٤)، وفي الأصفهانية (ص ٢٥)، وعزاه للخلال في السنة وابن بطة في الإبانة.

<<  <  ج: ص:  >  >>