«وقد قال الله تعالى- وهو أصدق القائلين-: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: ٨٨]، وقال تعالى: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ [الأنعام: ١٩]، وقال: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ [آل عمران: ٢٨]، وَقَالَ: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾، وَقَالَ: ﴿فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾، وقال: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ [طه: ٣٩]، وقال: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [المائدة: ٦٤] وقال تعالى: ﴿وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الزمر: ٦٧]، وقال: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه: ٤٦]، وقال تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء: ١٦٤]، وقال تعالى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [النور: ٣٥]، وقال تعالى: ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة: ٢٥٥]، وقال تعالى: ﴿هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾ [الحديد: ٣]، ومثل هذا في القرآن كثير.
فهو-﵎-نُورُ السموات والأرض، كما أخبر عن نفسه، وله وَجْهٌ وَنَفْسٌ وغير ذلك مما وصف به نفسه، ويَسمع، ويرى، ويتكلم، الأول ولا شيء قبله، والآخر الباقي إلى غير نهاية ولا شيء بعده، والظاهر العالي فوق كل شيء، والباطن؛ بَطُنَ علمُه بخلقه، فقال: ﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الحديد: ٣]؛ حَيٌّ قَيُّومٌ لا تَأخذه سِنَةٌ ولا نَوْمٌ.
وذكر أحاديثَ الصفات، ثم قال: «فهذه صفاتُ رَبِّنا التي وصف بها نفسَه في كتابه ووصفه بها نبيه، وليس في شيء منها تَحديد ولا تشبيه ولا تَقدير؛ ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، لم تَرَهُ العيون فتَحُدَّه كيف هو؟ ولكن رأته القلوبُ في حقائق الإيمان». اه (١)».
مِثْلُ هذا يُؤكد أن المصدر والأصل في هذا الباب هو: قال الله تعالى وقال الرسول ﷺ.
(١) «أصول السنة» (ص ٦٠ - ٧٤). وإلى هنا انتهى النقل عن ابن أبي زمنين ﵀.