«فإذا عرفتَ ذلك واستيقنته: علمتَ ما يجوز عليه النسخ وما لا يجوز، فإن تلوت آية في ظاهر تلاوتها تَحسب أنها ناسخة لبعض أخباره؛ كقوله عن فرعون: ﴿حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ﴾ [يونس: ٩٠] الآيات، وقال تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ﴾ [محمد: ٣١].
وقال: قد تأول قومٌ أنَّ الله عنى أن يُنجيه ببدنه من النار؛ لأنه آمن عند الغرق، وقال: إنما ذكر الله قوم فرعون يدخلون النار دونه، وقال: ﴿فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ﴾ [هود: ٩٨]، وقال: ﴿وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ﴾ [غافر: ٤٥]، ولم يقل: بفرعون.
وقال: وهكذا الكذب على الله؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى﴾ [النازعات: ٢٥]».
تقدم بيان أن النسخ لا يقع في الأخبار وأما ما أثير من شبهة إيمان فرعون فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: ما تقول السادة العلماء ﵃ في قول فرعون عند الغرق (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين) سورة يونس: ٩٠؛ هل فيه دليل على إيمانه وإسلامه، وما يجب على من يقول: إنه مات مؤمنًا، والحالة هذه؟
الجواب:
الحمد لله.
كفر فرعون، وموته كافرًا، وكونه من أهل النار؛ هو مما علم بالاضطرار من دين المسلمين. بل ومن دين اليهود والنصارى؛ فإن أهل الملل الثلاثة متفقون على أنه من أعظم الخلق كفرًا، ولهذا لم يذكر الله تعالى في القرآن قصة كافر كما ذكر قصته في بسطها وتثنيتها، ولا ذكر عن كافر من الكفر أعظم مما ذكر من كفره واجترائه، وكونه أشد الناس عذابا يوم القيامة.
ولهذا كان المسلمون متفقين على أن من توقف في كفره، وكونه من أهل النار؛ فإنه يجب أن يستتاب؛ فإن تاب، وإلا قتل كافرًا مرتدًا فضلاً عمن يقول: إنه مات