للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم إنه قال بعد قوله: (آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين) (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية) سورة يونس: ٩١ - ٩٢، فجعله الله تعالى عبرة وعلامة لمن يكون بعده من الأمم لينظروا عاقبة من كفر بالله تعالى؛ ولهذا ذكر الله تعالى الاعتبار بقصة فرعون وقومه في غير موضع …

وقد قال : (كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود وعاد وفرعون وإخوان لوط وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد) سورة ق: ١٢ - ١٤، فأخبر سبحانه أن كل واحد من هؤلاء المذكورين فرعون وغيره كذب الرسل كلهم …

ولو كان [مؤمنًا] لم يعاقب على ما تقدم من كفره، ولم يكن عقابه عبرة. بل من آمن غفر الله له ما سلف، ولم يذكره بكفر، ولا بذم أصلاً. بل يمدحه على إيمانه، ويثني عليه، كما أثنى على من آمن بالرسل، وأخبر أنه نجاهم …

وفرعون هو أكثر الكفار ذكرًا في القرآن، وهو لا يذكره سبحانه إلا بالذم والتقبيح واللعن، ولم يذكره بخير قط، وهؤلاء الملاحدة المنافقون يزعمون أنه مات طاهرًا مطهرًا ليس فيه شيء من الخبث …

وإخباره عن تكذيب فرعون وغير ذلك من أنواع كفره كثير في القرآن، وكذلك إخباره عن عذابه في الآخرة، فإن هؤلاء الملاحدة يزعمون أنه ليس في القرآن آية تدل على عذابه، ويقولون: إنما قال سبحانه: (يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود) سورة هود: ٩٨، قالوا: فأخبر أنه يوردهم، ولم يذكر أنه دخل معهم.

قالوا: وقد قال: (أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) سورة غافر: ٤٦، فإنما يدخل النار آل فرعون لا فرعون.

وهذا من أعظم جهلهم وضلالهم؛ فإنه حيث ذكر في الكتاب والسنة (آل فلان) كان فلان داخلاً فيهم، كقوله: (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) سورة آل عمران: ٣٣، وقوله: (إلا آل لوط نجيناهم بسحر) سورة القمر: ٣٤، وقوله: (سلام على إل ياسين) سورة الصافات: ١٣٠، وقول النبي : (اللهم صل على آل أبي أوفى)، وقوله: (لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود)

وقوله: (أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) سورة غافر: ٤٦؛ متناول له ولهم باتفاق المسلمين، وبالعلم الضروري من دين المسلمين …

<<  <  ج: ص:  >  >>