للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد قال: (واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين) سورة القصص: ٣٩ - ٤٢، وهذا تصريح بأنه نبذه وقومه في اليم عقوبة [على الظلم] الذي هو الكفر، وأنه أتبعه وقومه في الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين؛ هو وقومه جميعًا، وهذا موافق لقوله: (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملئه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود) سورة هود: ٩٦ - ٩٩، فأخبر سبحانه أنهم اتبعوا أمره، وأنه يقدمهم؛ لأنه إمامهم، فيكون قادمًا لهم، لا سائقًا لهم، وأنه يوردهم النار، فإذا كان التابع قد ورد النار؛ فمعلوم أن القادم الذي يقدمه، وهو متبوعه؛ ورد قبله؛ ولهذا قال بعد ذلك: (وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين) سورة القصص: ٤٢، والتابع والمتبوع كما قال الله تعالى في تلك السورة عن فرعون وقومه: (وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود) سورة هود: ٩٩.

والكلام في هذا مبسوط لم تحتمل هذه الورقة إلا هذا، والله أعلم.

وقال أيضاً: وزعمت طائفة من هؤلاء الاتحادية-الذين ألحدوا في أسماء الله وآياته-: أن فرعون كان مؤمنًا، وأنه لا يدخل النار، وزعموا أنه ليس في القرآن ما يدل على عذابه. بل فيه ما ينفيه، كقوله: (أدخلوا آل فرعون أشد العذاب)؛ قالوا: فإنما أدخل آله دونه.

وقوله: (يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار)؛ قالوا: إنما أوردهم، ولم يدخلها.

قالوا: ولأنه قد آمن أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل، ووضع جبريل الطين في فمه؛ لا يرد إيمان قلبه.

وهذا القول كفر معلوم فساده بالاضطرار من دين الإسلام، لم يسبق ابن عربي إليه-فيما أعلم-أحد من أهل القبلة؛ بل ولا من اليهود، ولا من النصارى؛ بل جميع أهل الملل مطبقون على كفر فرعون.

قوله: (وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين)؛

<<  <  ج: ص:  >  >>