للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«ثم قال: فعلى المؤمنين خاصَّتهم وعامتهم قبولُ كل ما ورد عنه ؛ بنقل العدل عن العدل، حتى يتصل به ، وإن مما قضى الله علينا في كتابه ووصف به نفسه ووردت السُّنَّةُ بصحة ذلك أن قال: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [النور: ٣٥]، ثم قال عقيب ذلك: ﴿نُورٌ عَلَى نُورٍ﴾ [النور: ٣٥]، وبذلك دعاه : «أنت نورُ السموات والأرض» (١)، ثم ذكر حديث أبي موسى: «حِجابه النور-أو النار-لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه» (٢)، وقال: سُبُحات وجهه: جلاله ونوره. نقله عن الخليل وأبي عُبيد. وقال: قال عبد الله بن مسعود: نَوَّر السموات نُور وجهه».

ذكر صفة النور لله جل وعلا، والنور المضاف إليه جل وعلا نوعان:

الأول: نور هو صفته سبحانه؛ فهو جل وعلا نور، ومن أسمائه: النور، وهذا النور صفة من صفاته غير مخلوق؛ كما جاء في الحديث: «لو كشفه لأحرقت سُبُحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه»، والسُّبحات: هي الأنوار، وهذا صفة من صفاته سبحانه.

والثاني: نور مخلوق، وهذا النور المخلوق يَبتدئ من الحجاب؛ قال : «حجابه النور لو كشفه لأحرقت سُبُحات وجهه»، فالحجاب نوره هذا مخلوق فيه،


(١) أخرجه البخاري (١١٢٠) عن ابن عباس ، قال: «كانَ النبيُّ إذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قالَ: اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ أنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ لكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ … »، الحديث.
(٢) أخرجه مسلم (١٧٩) عن أبي موسى الأشعري ، قال: «قامَ فِينا رَسولُ اللهِ بخَمْسِ كَلِماتٍ، فقالَ: إنَّ اللَّهَ ﷿ لا يَنامُ، ولا يَنْبَغِي له أنْ يَنامَ، يَخْفِضُ القِسْطَ ويَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهارِ، وعَمَلُ النَّهارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجابُهُ النُّورُ، وفي رِوايَةِ أبِي بَكْرٍ: النَّارُ، لو كَشَفَهُ لأَحْرَقَتْ سُبُحاتُ وجْهِهِ ما انْتَهَى إلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ».

<<  <  ج: ص:  >  >>