للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسيخصهم في الجنة بأعظم نعمة أنعم عليهم بها؛ ألا وهي تشريفهم وإكرامهم بالنظر إلى وجهه الكريم في جنة عدن، كما قال تعالى: ﴿وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة﴾ [القيامة: ٢٢، ٢٣].

وقال تعالى عن الكافرين: ﴿كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون﴾ [المطففين: ١٥].

قال الإمامُ الشافعيُّ: «فَدَلَّ هذا على أنَّ المؤمنين لا يُحجبون عنه ».

وقال جل شأنه: ﴿لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد﴾ [ق: ٣٥].

فالمزيد هنا هو: النَّظر إلى وجه الله ﷿، كما فسَّره بذلك علي وأنس بن مالك .

وقال سبحانه: ﴿للذين أحسنوا الحسنى وزيادة﴾ [يونس: ٢٦].

فالحسنى: الجنة، والزيادة: هي النظر إلى وجه الله الكريم، كما فَسَّرها بذلك رسول الله بقوله: «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ : تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ! فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ، فَمَا اعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِم مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ ﷿، وهي الزيادة، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾» (١).

قال الإمام ابن كثير : «وأمَّا السنة، فقد تواترت الأخبار عن أبي سعيد، وأبي هريرة، وأنس، وجرير، وصهيب، وبلال، وغير واحد من الصحابة عن النبي : أن المؤمنين يرون الله في الدار الآخرة في العرصات، وفي روضات الجنات، جعلنا الله تعالى منهم بمنه وكرمه. آمين (٢).

ب-رؤية الكفار والمنافقين لربِّهم جل وعلا:

أَمَّا الكفارُ والمُنَافِقِينَ، فَقَد ذكر شيخُ الإسلام أنَّ الناسَ قد تَنَازَعَوا في ذلك على ثَلَاثَةِ أَقوالٍ؛ فقال: «فَأَمَّا مَسْأَلَةُ رُؤْيَةِ الكُفَّارِ فَأَوَّلُ مَا انْتَشَرَ الكَلَامُ فِيهَا، وَتَنَازَعَ النَّاسُ فِيهَا- فِيمَا بَلَغَنَا- بَعْدَ ثَلَاثمِائَةِ سَنَةٍ مِنْ الهِجْرَةِ، وَأَمْسَكَ عَنْ الكَلَامِ فِي هَذَا قَوْمٌ مِنْ العُلَمَاءِ، وَتَكَلَّمَ فِيهَا آخَرُونَ؛ فَاخْتَلَفُوا فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، مَعَ أَنِّي مَا عَلِمْت أَنَّ أُولَئِكَ المُخْتَلِفِينَ فِيهَا تَلَاعَنُوا وَلَا تَهَاجَرُوا فِيهَا؛ إذْ فِي الفِرَقِ الثَّلَاثَةِ قَوْمٌ فِيهِمْ فَضْلٌ، وَهُمْ أَصْحَابُ سُنَّةٍ».


(١) أخرجه مسلم (٢٦٦) من حديث صُهَيْبٍ .
(٢) «تفسير ابن كثير» (٣/ ٣٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>