سيما من ينتسب إلى الإسلام، لكن يخفى عليه شيء من أصوله وحقوقه.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي المشركين من العرب في منازلهم أيام الموسم، ويدعوهم إلى توحيد الله، وترك عبادة ما سواه، وأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويتلو عليهم القرآن، ويبلغهم ما أمر بتبليغه، مع ما هم عليه من الشرك والكفر والرد القبيح، لما في ذلك من المصلحة الراجحة، على مصلحة الهجر والتباعد؛ والهجر إنما شرع لما فيه من المصلحة وردع المبطل، فإذا انتفى ذلك، وصار فيه مفسدة راجحة فلا يشرع، ومن تأمل السيرة النبوية، والآثار السلفية، يعرف ذلك ويتحققه.
وقد أمر الله بالدعوة إليه على بصيرة، قال تعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} الآية [سورة يوسف آية: ١٠٨] ، وقال تعالى:{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[سورة الحج آية: ٧٨] ؛ والجهاد بالحجة والبيان، يقدم على الجهاد بالسيف والسنان، وقد مر صلى الله عليه وسلم على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمنافقين واليهود، وفيه عبد الله بن أُبَيّ رأسُ المنافقين، فسلم صلى الله عليه وسلم ونزل عن دابته، ودعاهم إلى الإسلام، وذلك حين ذهب إلى سعد بن عبادة يعوده في منْزله، والقصة مشهورة. وكثير من العلماء يبتلى بخلطة هذا الضرب من الناس،