للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ثبت في الصحيحين، حديث الذي قال لأهله: " إذا أنا مت فاسحقوني، ثم ذروني في اليم؛ فوالله لئن قدر الله علي، ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا من العالمين. فأمر الله البر فرد ما أخذه منه، وأمر البحر فرد ما أخذه منه، وقال: ما حملك على ما فعلت؟ قال: خشيتك يا رب، فغفر له ". فهذا اعتقد أنه إذا فعل ذلك، لن يقدر الله على إعادته، وأنه لا يعيده، أو جوز ذلك، وكلاهما كفر، لكن كان جاهلا، لم يتبين له الحق، بيانا لا يعذر بمخالفته، فغفر الله له.

ولهذا كنت أقول للجهمية، من الحلولية، والنفاة الذين نفوا أن يكون الله تعالى فوق العرش: أنا لو وافقتكم كنت كافرا، لأني أعلم أن قولكم كفر، وأنتم عندي لا تكفرون، لأنكم جهال، وكان هذا خطابا لعلمائهم، وقضاتهم، وشيوخهم، وأمرائهم.

وهو قد احتج بحديث الأعمى، الذي قال: " اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد، نبي الرحمة " ١، وهذا الحديث لا حجة فيه، لوجهين: أحدهما: أنه ليس هو استغاثة، بل توجه به. والثاني: أنه إنما توجه بدعائه وشفاعته، فإنه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء، وقال في آخره: اللهم فشفعه في، فعلم أنه شفع له، فتوسل بشفاعته لا بذاته، كما كان الصحابة يتوسلون بدعائه في الاستسقاء،


١ الترمذي: الدعوات (٣٥٧٨) , وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (١٣٨٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>