للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن ابتغاء الوسيلة منه، هو طلب ما يتوسل به، أي يتقرب به إليه سبحانه، سواء كان على وجه العبادة والطاعة، وامتثال الأمر، أو كان على وجه السؤال به، والاستعانة به، رغبة إليه في طلب المنافع، ودفع المضار؛ ولفظ الدعاء في القرآن يتناول هذا وهذا، بمعنى العبادة، والدعاء بمعنى المسألة، وإن كان كل منهما مستلزما للآخر؛ لكن العبد قد تنْزل به النازلة، فيكون مقصوده طلب حاجاته، وتفريج كرباته، فيسعى في ذلك بالسؤال والتضرع، وإن كان ذلك من العبادة والطاعة.

الوجه الرابع: أن يقال: قد علم بالاضطرار من دين الإسلام، أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لأمته أن يدعوا أحدا من الأموات، لا الأنبياء، ولا الصالحين، ولا غيرهم، لا بلفظ الاستغاثة، ولا بغيرها، كما أنه لم يشرع لأمته السجود لميت، ولا إلى ميت؛ بل نعلم أنه نهى عن كل هذه الأمور، وأنه من الشرك الذي حرم الله.

قال الله تعالى: {فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ} ١، وقال: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ} ٢، وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ


١ سورة الشعراء آية: ٢١٣.
٢ سورة يونس آية: ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>