للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرهم، من الأصنام والجن والشياطين، فإنهم كانوا يستجيرون بهم، ويستعيذون بهم، كما قال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} ١.

قال ابن كثير، أي: كنا نرى لنا فضلا على الإنس، لأنهم كانوا يعوذون بنا، أي: إذا نزلوا واديا، أو مكانا موحشا، كما كانت عادة العرب في جاهليتها، يعوذون بعظيم ذلك المكان من الجن، أن يصيبهم أحد بسوء؛ فلما رأت الجن أن الإنس يعوذون بهم من خوفهم منهم، زادوهم رهقا، أي: خوفا وإرهابا وذعرا، حتى بقوا أشد منهم مخافة، وأكثر تعوذا بهم، انتهى.

فالاستعاذة بالله من أفضل مقامات العبودية، التي أمر الله بها عباده، مثل الدعاء والخوف والرجاء، والذبح والتوكل غير ذلك؛ فمن صرف منها شيئا لغير الله، من ملك أو ولي أو جني، أو صنم أو غير ذلك، فهو مشرك.

قال ابن القيم رحمه الله: ومن ذبح للشيطان ودعاه، واستعاذ به وتقرب إليه بما يحب، فقد عبده وإن لم يسم ذلك عبادة، أو يسميه استخداما؛ وصدق، هو: استخدام من الشيطان له، فيصير من خدم الشيطان وعابديه، وبذلك يخدمه الشيطان؛ لكن خدمة الشيطان له ليست خدمة عبادة، فإن الشيطان لا يخضع له، ولا يعبده كما يفعله هو


١ سورة الجن آية: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>