للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن لم تكن لي فمن أرجوه يشفع لي ... سواك عند حلول الحادث العمم

ولن يضيق رسول الله جاهك بي ... وقد وسعت به للرسل والأمم

فانظر إلي بعين اللطف لا سيما ... إذا الكريم تحلى باسم منتقم

فإن من جودك الدنيا وضرتها ... حاشاك تبخل عني معدن الكرم

وكيف تغفل عن مثلي وتهمله ... ومن علومك علم اللوح والقلم

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه الأبيات تتضمن تنْزيل الرسول صلى الله عليه وسلم بمنْزلة رب العالمين، إذ مضمونها: أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو المسؤول المرجو، لكشف أعظم الشدائد، وهو عذاب الآخرة، وأن الدنيا والآخرة من جوده وإفضاله، وأنه يعلم الغيب، وهذه هي خصائص الربوبية والألوهية، التي جعلتها النصارى للمسيح بن مريم.

ففيه مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم " لتتبعن سنن من كان قبلكم "١، وهؤلاء وإن لم يقولوا إن محمدا هو الله، لكن أثبتوا له خصائص الرب الإله، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا، فانظر قوله:

إن لم تكن في معادي آخذا بيدي ... ومنقذي من عذاب الله والألم

وانظر قول الله سبحانه وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {قُلْ} [سورة الأنعام آية: ١٥] يا محمد: {إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [سورة الأنعام آية:١٥] . وهذا الضال يزعم أن محمدا ينقذ من شاء من عذاب الله ; وقال تعالى عن صاحب يس: {إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ} [سورة يس آية: ٢٣] ، ووازن بينه وبين البيت المذكور.


١ البخاري: أحاديث الأنبياء ٣٤٥٦ , ومسلم: العلم ٢٦٦٩ , وأحمد ٣/٨٤ ,٣/٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>