للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآية التي استدل بها، ليس فيها ما يدل على دعواه; بل فيها ما يبطلها ويدحضها; فإن أول الآية نص على وجوب التوحيد، وإفراد الله بالعبادة، والاستقامة عل ذلك، بالتزام حقوقه وواجباته; وتنزل الملائكة، ومخاطبتهم للمؤمنين بهذا الخطاب، وتوليهم له، لا يدل على أنه يفعل ويشفع، وإنما يدل على كرامته وعلو درجته، ونيل مشتهاه ومدعاه في دار الكرامة.

فأين في هذا ما يدل على أنه يدعى في حياته أو بعد مماته؟! وفي الحديث: " من قال في القرآن برأيه، فليتبوأ مقعده من النار " ١، وفي رواية "بغير علم"، وهذا الجاهل يتخبط في الاستدلال بآيات الله، ويحملها على غير محملها، ويتأولها على غير تأويلها، بل على نقيضه وضده؛ فسبحان من طبع على قلبه!

وقد استدل بعض من يدعي العلم، على مسألة تصرف الأولياء، وأنهم يدعون، بقوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [سورة آل عمران آية: ١٦٩] ، فقال بعض عوام المسلمين: إن كانت القراءة رضي الله عنه {يَرْزُقُون} بفتح الياء فذاك متجه، وإلا فالآية حجة عليك. قال في الفتاوى البزازية من كتب الحنفية، قال علماؤنا: من قال أرواح المشائخ حاضرة تعلم، يكفر; انتهى.

فإن أراد علماء الشريعة، فهو حكاية للإجماع، والإجماع على هذا يعلم بالضرورة من دين الإسلام، وهذا أحد الطرق التي يعرف بها الإجماع.


١ الترمذي: تفسير القرآن ٢٩٥١ , وأحمد ١/٢٣٣ ,١/٢٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>