وقال الشيخ صنع الله الحلبي الحنفي، في رسالته في الرد على من زعم: أن الأولياء يدعون، ويتصرفون، على أن ذلك كرامة; قال: وهذا كلام فيه تفريط وإفراط; بل فيه الهلاك الأبدي، والعذاب السرمدي، لما فيه من روائح الشرك المحقق، ومصادمة الكتاب العزيز المصدق، ومخالفة عقائد الأئمة، وما اجتمعت عليه الأمة; والمقصود: أنه حكى إجماع الأمة على كفر من زعم ذلك.
فصل
واستدل العراقي على دعاء الصالحين، وندائهم بالحوائج، بقوله تعالى:{فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً}[سورة النازعات آية: ٥] ، وذكر عن البيضاوي: أنها أرواح الموتى.
والجواب أن يقال: قد حكى البيضاوي أقوالا على هذه الآية، وقدم: أنها الملائكة، وحكى أنها النجوم، وحكى أنها خيل الغزاة، وحكى أنها أنفس الغزاة; وعلى زعم هذا وطرد دليله: كل ما ذكر يدعى مع الله، حتى خيل الغزاة; والبيضاوي لا يقول: بدعاء أحد مع الله; بل ذكر في تفسيره مواضع يعز استقصاؤها، في المنع من ذلك وتحريمه.
ثم هذا القول الذي قاله العراقي: رجوع إلى عبادة الملائكة والنجوم، والأنفس المفارقة، وهذا حقيقة دين الصائبة; أوقع العراقي فيه ظنه أن العبادة لا تكون عبادة وشركا، إلا إذا اعتقد التأثير من دون الله; وهذا الشرط هو الذي أوقعه فيما