ليست الكرامة من لوازم المنْزلة وعلو الدرجة؛ مشى قوم فوق البحار، ومات عطشا من هو أفضل منهم وأقوى إيمانا; وقد كثرت في القرن الثاني والثالث، وفي القرن الأول من هو أفضل وأجل، ممن وقعت له هذه الخوارق؛ وبسط هذا له محل، والقصد إبطال كلام هذا الضال.
ويقال له: أكثر المفسرين على غير هذا; فمنهم من قال: إن هم يوسف من جنس الخطرات، والواردات التي لا تستقر، وليست بعزم، فتركها والإعراض عنها حسنة، كما دل عليه حديث:" إذا هم العبد بالسيئة فلم يفعلها كتبت له حسنة " ١. ومنهم من قال: البرهان المشار إليه، هو قوله تعالى:{وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى}[سورة الإسراء آية: ٣٢] ، رأى الآية مكتوبة في السقف. ومنهم من قال: رأى ثلاث آيات هي البرهان. ومنهم من قال: لم يهم يوسف بسوء، لوجوب عصمته حتى قبل النبوة.
وقوله:{وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ}[سورة يوسف آية: ٢٤] معلق على عدم الرؤية وقد ثبتت، فلا هم; تقول: هلك زيد لولا عمرو، وهذا معنى ما قال بعضهم: في الكلام تقديم وتأخير، والتقدير لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ هم بها; وهذا يذهب إليه من يقول: بعصمة الأنبياء قبل النبوة; وهو الراجح عند من اعتمد أقوالهم هذا العراقي، فيما وصل إلينا في مسألة علم الغيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا خالفه ظنا منه أن