للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شك أن الأجر على قدر النصب، وينبغي للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن لا يتساهل في ذلك لأجل صداقة له ومودة ومداهنة، وطلب الوجاهة عنده، ودوام المنْزلة لديه، فإن صداقته ومودته توجب له حرمة وحقا؛ ومن حقه أن ينصحه ويهديه إلى مصالح آخرته، وينقذه من مضارها.

وصديق الإنسان ومحبه، هو من سعى في عمارة آخرته، وإن أدى ذلك إلى نقص دنياه; وعدوه من يسعى في ذهاب أو نقص آخرته، وإن حصل بذلك صورة نفع في الدنيا; وإنما كان إبليس عدو لنا لهذا المعنى.

وكان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أولياء المؤمنين لسعيهم في مصالح آخرتهم وهدايتهم إليها; ثم إن الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر، يجب عليهم إصلاح نيتهم في أمرهم ونهيهم، وأن يقصدوا بذلك وجه الله تعالى والدار الآخرة، وأن يوطنوا أنفسهم على تحمل الأذى من الخلق، فإن من وثق بالثواب من الله، لم يجد مسّ الأذى.

ولقد كان الله يحفظ من هذا شأنه، من بأس الصائلين ببركة إخلاصهم، وحسن مقصدهم، وقوة توكلهم، وابتغائهم بكلامهم رضى الله تعالى، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من أشق ما يحمله المكلف، لأنه مقام الرسل، حيث يثقل صاحبه على الطباع، وتنفر منه نفوس أهل اللذات، ويمقته أهل الخلاعة؛ بل قال بعض السلف: إن

<<  <  ج: ص:  >  >>