وفي الحقيقة إن هذا القول لا يقوم على أي مستند من الكتاب أو السنة بل هو من الخوض في أمور لا تدرك إلا بالوحي، استقوه من خيالاتهم، ثم ما الفرق بين من ينكر وجود الملائكة وبين من يزعم أنها قوة طبيعية ما دام منكر الملائكة يقر ويعترف بوجود قوة نمو في النباتات، وخلقه في الحيوان، وحفظ في الإنسان، ولكنها قوة طبيعية لا ينطبق عليها ما ورد في القرآن الكريم من أوصاف للملائكة.
[١٣ - متابعة شيخه محمد عبده في التشكيك بأن آدم أبو البشر]
حيث يقول محمد عبده عند تفسير قوله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١)} (١). «ليس المراد بالنفس الواحدة آدم بالنص ولا بالظاهر، فمن المفسرين من يقول إن كل نداء مثل هذا يراد به أهل مكة أو قريش، فإذ صح هذا هنا جاز أن يفهم منه بنو قريش، إن النفس الواحدة هي قريش أو عدنان، وإذا كان الخطاب للعرب عامة جاز أن يفهموا أن المراد بالنفس الواحدة يعرب أو قحطان، وإذا قلنا إن الخطاب لجميع أهل الدعوة إلى الإسلام أي لجميع الأمم فلا شك أن كل أمة تفهم منه ما تعتقده، فالذين يعتقدون أن لكل صنف من البشر أبا يحملون النفس على ما يعتقدون ... والقرينة على أنه ليس بالنفس الواحدة آدم قوله:{وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} بالتنكير، وكان المناسب على الوجه أن يقول: وبث منهما جميع الرجال والنساء. وكيف ينص على نفس معهودة والخطاب عام لجميع الشعوب، وهذا العهد ليس معروفا عند